تقرير شهر ديسمبر 2015: الاحتجاجات الاجتماعية

0
4491

يمثل التقرير التالي آخر تقرير عن التحركات الاحتجاجية الاجتماعية الجماعية والفردية وكذلك الشأن بالنسبة للتقرير حول العنف بالنسبة لسنة 2015، وسيلي ذلك، التقارير السنوية حول الانتحار ومحاولات الانتحار وحول التحركات الاحتجاجية الاجتماعية الجماعية في مختلف أشكالها العفوية والتلقائية والعشوائية وحول العنف.

تم رصد خلال هذا الشهر عديد التحركات الاحتجاجية من بينها:

احتجاجات الفلاحين ومربي الأبقار في عديد الجهات حول مراكز جمع الحليب ، ففي الوقت الذي نعاني فيه في بعض الفترات من نقص كبير في كميات الحليب وبالرغم من ارتفاع أسعار هذه المادة الأساسية فان منتجيها يضطرون إلى سكبها لعدم توفر إمكانات الاستغلال بالشكل الكافي في أوقات الوفرة من ذلك ما أعلنه رئيس نقابة مراكز جمع الحليب بجندوبة من كون هذا الإشكال مطروح منذ شهر جوان الماضي الشيء الذي دفع المنتجين إلى إتلاف حوالي عشرين ألف لتر من الحليب يوميا ، علما وأن الغرفة الوطنية لمراكز جمع الحليب أعلنت أن هذه المراكز ستعمل مستقبلا يوما على يومين وهو ما يزيد في معانات المنتجين وتبذير هذا المنتوج الوطني الذي نضطر أحيانا لتوريده في حين أن الأطفال في الأحياء الشعبية وفي عديد المناطق الداخلية يعانون من سوء التغذية.

في نفس الإطار رصدنا احتجاجات منتجي البيض على تراجع أسعار هذه المادة وهي أيضا من المنتجات التي نضطر أحيانا إلى توريدها وهو ما يعكس ضعف طاقات الخزن.

وفي نفس الملف نسجل أيضا إشكالات عديدة مطروحة تصاحبها حيرة وخوف منتجي التمور بكل من ولايتي توزر وقبلي ، فالمنتج قياسي ولكنه متراكم وهناك صعوبات كبيرة في ترويجه واحتجاجات كبيرة على السماسرة الذين يتولون تسويق المنتج ، إلى الآن الحلول تبدو محدودة بالرغم من تحول وفد من الجهة للالتقاء برئيس مجلس نواب الشعب لإيجاد الحلول السريعة حتى لا يتطور الأمر ويأخذ أشكالا أكثر خطورة ، هذا ويعتبر التمر المنتج الأساسي والرئيسي في هذه المناطق ، إن التراجع في التسويق تكون له انعكاسات اقتصادية واجتماعية كبيرة على شرائح هامة من المواطنين في هذه المناطق .

غير بعيد عن الجنوب الغربي ، العديد من الإشكالات تم رصدها في جهة الجنوب الشرقي ولها علاقة بصعوبات تنقل الأفراد والبضائع من وإلى ليبيا نتيجة للإجراءات التي اتخذتها السلطات الليبية حول تنقل الأفراد والبضائع ، علما وأن العديد من الإحتجاجات التي أخذت في الغالب أشكالا عنيفة جدا حول نفس المسائل تم رصدها في الأشهر الماضية ، والحلول تكمن في تفعيل مشاريع تنموية قادرة على الارتقاء بالوضع الاقتصادي بالجهة وهي الصمام الوحيد أمام التجارة الموازية والتهريب ، وقد أشرنا في تقاريرنا الماضية للعلاقة المتينة بين التهريب والإرهاب ، الإشكال هو أن اثر كل أزمة تلوح السلطة بمشاريع وببرامج تنموية واعدة تأخذ حيزا هاما في وسائل الإعلام إلا أنها لا تتجسد ميدانيا وتمثل زخما جديدا للاحتجاجات الاجتماعية بهذه الجهات .

يبرز مرة أخرى ملف الوضع الصحي وبشكل خاص بالجهات الداخلية ، لقد رصدنا احتجاجات متعددة كل شهر بمناطق مختلفة حول تردي الخدمات الطبية وافتقار المستشفيات المحلية بالخصوص إلى الاطار الطبي وشبه الطبي وأطباء الاختصاص بالخصوص والنقص المسجل في المعدات الأساسية الشيء الذي يدفع المرضى إلى التنقل ومواجهة معاناة التنقل بالرغم من المرض وأحيانا تنقل مريض لعدم القدرة على القيام بما يتوجب القيام به طبيا وقد ينتج نتيجة ذلك مضاعفات تؤدي أحيانا إلى الوفاة ، وهو ما حصل بالفعل بولاية تطاوين وكان سببا في احتجاجات اجتماعية هامة أخذت أشكالا عنيفة ، سلطة الإشراف تشعر دائما بكونها ستتخذ الإجراءات التي يتوجب القيام بها إلا أن الوضع بعديد المستشفيات المحلية لا يتقبل الانتظار .

لا تزال الأوضاع التربوية في عديد الكليات بالخصوص متوترة ، حول التسجيلات الاستثنائية وحول أنظمة الامتحانات والعديد من الإشكالات الأخرى التي تؤدي إلى الإضرابات والاحتجاجات وتوقف الدروس ، العديد من الإشكالات الأخرى تبرز من حين لآخر في المدارس الإعدادية والمعاهد الثانوية وتكون سببا للتوتر وفي أحيانا كثيرة للعنف ، العديد من الإشكالات لا تزال مطروحة ، والعديد من مشاريع الحلول مطروحة إلا أنها تواجه رفض العديد من الجهات ، التلاميذ والطلبة ، الأولياء والمربين ، النقابات… الوضع التربوي يحمل العديد من المؤشرات التي تفتح مجالات الاحتمالات غير المريحة .

كنا أشرنا في الأعداد السابقة إلى العديد من الاحتجاجات حول المداهمات الأمنية الليلية ، الإشكال لا يزال مطروحا وبشدة ، فمقاومة الإرهاب تتطلب الفعل الأمني إلا أن هذا الفعل لا يجب أن يأخذ أشكالا عنيفة وغير مقبولة ، فالمواطن هو الحليف الأساسي والرئيسي لقوات الأمن ويجب العمل على أن يكون كذلك ، بعض السلوكيات تفرز التوتر والخوف والريبة وهي من الأشياء التي توفر أرضية خصبة للإرهاب ، في نفس الإطار عديد الاحتجاجات تم رصدها حول تدخل الحرس الديواني للحد من التهريب ، علما وأن فعاليات عديدة من المجتمع المدني تعمل جاهدة على تطوير العلاقة بين رجال الأمن والمواطنين ، لقد رصدنا العديد من التحركات المساندة للأمن ولعل سهرة ليلة رأس السنة بجبل الشعانبي مثال من بين العديد من الأمثلة .

إشكالات كبيرة في مفاوضات القطاع الخاص والتلويح بإضرابات في الأفق تجعل من شهر جانفي شهرا لعديد التحركات الاحتجاجية المؤطرة وغير المؤطرة ، تردي الأوضاع الاقتصادية ، تراجع القدرة الشرائية ، البطالة ، الإشكالات التربوية ، خطر الإرهاب ، في هذا الظرف الدقيق تعيش بعض الأحزاب السياسية على وقع الاحتجاجات الداخلية الحادة والتي بدورها تفتح المجال لاحتجاجات أكثر خطورة وتراجع ملموس للمجتمع المدني في عديد القضايا التي كان سباقا على الدوام في تبنيها والدفاع عنها .

المخزون الاحتجاجي لا يزال على حاله والقوى الكامنة داخله لا تزال أيضا فاعلة.

 

العربية

Télécharger (PDF, 1.46Mo)

الفرنسية

Télécharger (PDF, 1.18Mo)