الشباب والتشغيل ومستقبل العمل

0
7604

الشباب والتشغيل ومستقبل العمل
المؤلف: أسامة بوليلة
الترجمة عن الانجليزية: شيماء القيزاني

كتب بتاريخ 05/07/2021
متربص بالمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية و الاجتماعية (FTDES)

أزمة الوظائف الطويلة الأمد اليوم لا تتعلق فقط بانهيار مالي أو أحداث لا يمكن التنبؤ بها مسبقا والتي من شأنها أن تؤثر على الوظائف طويلة الأمد، ولكنها تتعلق اساسا بالنسق التصاعدي للمواهب القائمة في معظمها على  التكنولوجيا والابتكار الرقمي، فالتقدم التكنولوجي يكتسح اليوم سوق الشغل بسرعة جنونية.
وسوف يكون الاقتصاد العالمي أكثر توجهاً نحو التكنولوجيا ، وهذا امر جليّ بمرور السنوات.
واليوم أصبح الشباب أكثر فأكثر استقلالية في اختيار وظائفهم المستقبلية وهذا يعود لتقدم اللتكنولوجيات الحديثة، التي تسمح لهم وللأجيال القادمة بكسب المال من خلال وظائف افتراضية عبر الإنترنت والتي توفر لهم عديد الفرص للربح.
لنبدأ بفهم المعنى الحقيقي لكسب المال على الإنترنت وما هو مفهوم هذا التوجه الجديد.

مفهوم وطرق كسب المال عبر الإنترنت!
الكسب عبر الإنترنت هو طريقة لتوليد المال عبر استخدام الإنترنت، ويشترط امتلاك موقع على الإنترنت ، والشروع في عمل افتراضي على هذا الموقع، أو التوجه نحو خيارات أخرى متاحة للكسب عبر الإنترنت، هو عمل يتم إنجازه خارج اطر المكاتب التقليدية.

إن أغلب الطرق الشائعة لكسب المال على الإنترنت اليوم هي:
1. التمويل المستقل: وهو اليوم مفهوم شائع للغاية لكسب المال عبر الإنترنت ذلك انها تتيح خيارات عدة. فبامكانك ايجاد مواقع للعمل تعرض مهام مستقلة بمهارات مختلفة وهذا يتطلب فقط إنشاء حساب وتقديم طلب للمهمة التي تناسبك، يمكنك ايضا عرض خدماتك ومواهبك للعملاء المهتمين حتى يتسنى لهم الاتصال بك من خلال هذا النوع من المتصفحات. ويمكن أن تكون المهارات الذاتية في مجالات مختلفة مثل إدارة وسائط الإعلام الاجتماعية، وتصميم الويب، وصناعة المحتوى، وما إلى ذلك…

المال الذي يمكن أن تكسبه من التمويل المستقل يعتمد على نوع العمل الذي تقوم به فمثلا متوسط دخل الكاتب المستقل معدله بين 30-40 دولار مع راتب سنوي يبلغ حوالي 42000 دولار بينما متوسط المبرمج المستقل هو 60-70 دولار/في الساعة. وبمرتب سنوي يبلغ حوالي 120000 دولار.

وعموما، كلما ازدادت العمل تقنية كلما ازداد دخل العامل المستقل في هذا المجال.

أندريا ريجيو، امرأة من كاراكاس، فنزويلا، تبلغ من العمر 25 سنة اختارت أن تكون مستقلةً وأن تحصل على أجر من الإنترنت وان تعمل من المنزل وهي الآن تقدم خدماتها عن التمويل من خلال موقع إلكتروني للتمويل المستقل يسمى freelancer.com، وقالت “الاستقلالية لديها أفضل العروض وأعطتني أفضل النتائج”.
وقد عاشت أندريا بالفعل الكثير من اللحظات التي لا تنسى في حياتها المهنية المستقلة ولديها كتاب إلكتروني منشور على الإنترنت، وعملت على نصوص لألعاب الفيديو، وتم توظيفها للكتابة لمدونة مع أكثر من مليون قارئ كل شهر.
2. وسائل الإعلام الاجتماعية: أصبحت وسائل الإعلام الاجتماعية اليوم المنصة الأكثر استخداما من قبل العديد والمقصود بوسائل الإعلام الاجتماعية أساسا فيسبوك ، إنستغرام ، سنابشات ، تويتر ، وما إلى ذلك… وأصبحت هذه المنصات الافتراضية مصدرا رئيسيا للدخل بالنسبة للبعض. على الرغم من أن مستخدمي وسائل الإعلام الاجتماعية يمكنهم انشاء منصة افتراضية تمكنهم من جعل منتجاتهم أو خدماتهم أكثر رواجا في جميع أنحاء العالم ليتسنى لهم بيعها وتوسيع أعمالهم التجارية،  ناهيك ان بعض المنصات تدفع اموالا للمستخدمين إذا وصلوا إلى عدد معين من المتابعين. ونستدل هنا بمثال شيارا فيراغني وهي من ابرز قصص النجاح في وسائل الإعلام الاجتماعية فهي امرأة إيطالية تبلغ من العمر 34 سنة وهي اليوم مدونة ذائعة الصيت وواحدة من أكثر المدونات شعبية على الإطلاق. وقد كانت شيارا نكرة وأصبحت اليوم نجمة دولية، وذلك بمجرد نشر صور بسيطة عن حياتها اليومية وعن السفر والهام الناس، لشيارا اليوم أكثر من 16 مليون متابع في تطبيق إنستغرام ، وهم مستعدون للشراء منها لأنهم يثقون بتوصياتها ونصائحها بخصوص منتجات معينة، وقد تم إدراج شيارا كواحدة من أقوى مؤثري الأزياء في العالم.

  1. 3. الفيديوات من الممكن أن تكون طريقة عظيمة لتحويل الشغف إلى دخل حيث يقوم المدون بصناعة محتوى في شكل فيديو، يقوم المستخدمون بتسجيل فيديو لأنفسهم يتحدثون فيه عن موضوع معين ويشتركون فيه مع الآخرين باستخدام مواقع وقنوات إعلامية مثل إنستغرام وفيسبوك ولكن أكثرها شعبية هو اليوتيوب. الذين يعملون من خلال يوتيوب يطلق عليهم اسم يوتيوبرز ويصل دخلهم الي الملايين من ويتطلب هذا فقط إنشاء حساب على تطبيق اليوتيوب والبدء في تنزيل مقاطع الفيديو التي تعرض مواضيع يرغب في مشاهدتها عدد كبير من الناس وتجعل قنواتك مشهورة وعدد المشتركين فيها يتزايد، و يتزايد بذلك كسبك. ويستند الدفع الذي يحصل عليه المرء على نسبة المشاهدة.

 في الوقت الحاضر لا يزال بعض الناس غير مقتنعين بأن شخص ما يمكن أن يصبح غنيا بمجرد استخدام كاميرا الإنترنت وتسجيل أنفسهم وهم بصدد القيام بأشياء قد تبدو سخيفة بالنسبة للبعض. ونذكر قصة نجاح الأخوين باني ورافي فين (30 و32 عاما) واللذانن ما فتئا يكتبان ويديران سلسلة “رد فعل” على يوتيوب (مثل “رد فعل الأطفال على هارلم شيك”). على الرغم من أنهم كانوا يأملون في البداية في اقتحام مهرجانات الأفلام التقليدية ، إلا أنهم أصبحوا رائدين في مجال الفيديو على الإنترنت. ولديهم الآن 8.2 مليون مشترك ، مع أكثر من 1.6 مليار مشاهدة للفيديوات. يزودهما هذا النجاح بحوالي 000 849 دولار وبمعدل 7.1 مليون دولار سنويا.

4 الرياضة الالكترونية وهي شكل جديد من أشكال الرياضة باستخدام أجهزة الكمبيوتر أو الهواتف الذكية حيث يلعب المستخدمون ألعاب الكمبيوتر ضد أشخاص آخرين على الإنترنت ندعوهم باللاعبين “gamers”  وكثيرا ما يلعبون من أجل المال. ويتابعهم الملايين من المشجعين من جميع أنحاء العالم ويحضرون الالعاب مباشرة أو على شاشة التلفزيون أو على شبكة الإنترنت ويمكن أن يكون ذلك من خلال خدمات البث الذي هو نظام يمكّن المشاهدين من مشاهدة لاعبيهم المفضلين وهم يلعبون على الهواء مباشرة، واحدة من أكثر منصات البث شعبية هي تويتش “Twitch”

إذا كنت من محبي اللعب، المشاهدة، أو مناقشة ألعاب الفيديو، هذه بعض الطرق التي تمكنك من تحويل هذا الشغف إلى دخل! والطريقة الأولى والأكثر كفاءة التي يمكن أن تدر عليك الكثير من المال هي بناء فريق محترف والبدء في المنافسة في مختلف المسابقات ، يمكن لللاعبين أن يكسبوا من 30000 دولار إلى 50000 دولار سنويا، بالإضافة إلى صفقات رعاية وجوائز نقدية للفوز بالمسابقة. هناك طريقة شهيرة أخرى يستخدمها اللاعبين لجني المال عن طريق البث المباشر اللعبة بينما هم بصدد اللعب على منصات بث مباشر وهذه المنصة ستدفع  لهم مقابل وصولهم لعدد هام من المتابعين.
من هو (جادان أشمان) ؟

جادان أشمان شاب عمره 16 عاما من المملكة المتحدة، أشمان هو أصغر مليونير رياضات الكترونية في التاريخ، بدأ بلعب ألعاب الفيديو مع عمه الذي تعلم منه تقدير واستخدام الضوابط ، في البداية ، كانت أم آشمان تعارض لعبه ألعاب الفيديو لأنها بالنسبة لها مضيعة للوقت ومن الأفضل تكريس وقته لشيء قيّم الا ان آشمان قرر أن يثبت لوالدته أنها مخطئة، وشارك في كأس العالم لألعاب الفيديو في عام 2019 الذي عقد في نيويورك وأثبت فعلا ان والدته كانت على خطأ باحتلاله المركز الثاني في كأس العالم في لعبة تدعى “فورتنايت”“Fortnite”  وحقق جائزة نقدية قدرها 2.25 مليون دولارتقاسمها مع شريكه الهولندي في الألعاب، مما جعله أصغر مليونير رياضات الكترونية. قال: “لقد أثبتت لامي أنني لم أكن أهدر الساعات كل يوم في غرفة نومي ألعب بدلا من أداء واجباتي المدرسية”.
5. التدوين: يتكون من الكتابة والتصوير الفوتوغرافي وغيرهم من الأشياء التي تود نشرها على الإنترنت، وهي فرصة لمن يتمتعون بمهارات واللغة والكتابة وبامكانهم تسخير مهاراتهم لكسب الكثير من المال. نذكر مثال المدونة هوفينغتون التي أسستها أريانا هوفينغتون وهي امرأة تبلغ من العمر 71 عاما، وقامت باضافة منصة لبث الأخبار في مدونتها، اليوم 2.5 مليون دولار تأتي من هذه المدونة في الشهر والمصدر الرئيسي للدخل هو الأجر الذي تتقاضاه مقابل كل متابع لتدويناتها.
6. تجارة العملة الالكترونية: العملة الالكترونية مثل الدولار ، اليورو ، وغيرهم. ولكنها ليست حقيقية وغير ملموسة، لقد أطلق عليها اسم العملة الالكترونية نظرا انها مرتبطة بشبكة موزعة على عدد كبير من الحواسيب. أول تشفير كان البيتكوين الذي لا يزال الأكثر شعبية والأكثر قيمة. اليوم هناك الآلاف من البدائل للعملات الالكترونية مع اختلاف الوظائف والمواصفات، والمغزى من هذا هو أن أي شخص يمكن أن يشتري ويبيع عملات الكترونية من خلال منصات مصنوعة للاتجار تسمى blockhain ، يمكن للتاجر توليد الكثير من المال من خلال هذه التجارة الالكترونية.
هكذا أصبح الطالب البسيط مليونيراً!
في عالم يشهد ثورة في مجال التسويق والتجارة والعمل عن بعد، فإن عمليات العملة الالكترونية تمثل عرض مغري للشركات الكبرى على نحو متزايد ، وبفضل التطور السريع الذي يشهده هذا العالم يصنع العديد من التجار الشبان ثروة كبيرة من خلاله.  العالم مليء بالمليونيرات، ولكل واحد قصته الفريدة وهذه قصة كوبر توريليا شاب ال25 عاما من الولايات المتحدة الأمريكية، لوس أنجلوس، الذي بدأ الاستثمار في العملة الالكترونية منذ أربع سنوات وفي سن صغيرة. في عام 2017، وجد توريليا نفسه محاصر في البيتكوين وضغط كريبتو. ورأت شركة BTC نفسها في ارتفاع إلى ما كان آنذاك أكبر سعر لها يصل إلى حوالي 000 20 دولار للعملة الواحدة. في ذلك الوقت ظن توريليا أنه سيخاطر ببضعة مئات من الدولارات التي كان يوفرها. و قال في احدى المقابلات “لم تكن اموالا كثيرة على الإطلاق، في تلك المرحلة كنت لا ازال في الكلية اعمل بعض الوظائف الجانبية و كنت أضع بضع مئات من الدولارات هنا وهناك “. قبل أن يصبح غنياً من خلال العملات الالكترونية في عام 2018 تحطمت البيتكوين وفقدت ما يقارب من 70 ٪ من قيمتها، الا ان توريليا قرر أن يستمر بلا انقطاع في استثماراته بينما كان البقية عازفين عن تجارة البيتكون واعتبروها تجارة فاشلة ليصبح بعد ذلك توريليا غنيا وهو الآن يتباهى بثروات طائلة. منذ أن بدأ نجاحه، تمكن من سداد معظم ديونه الطلابية ، كما ألهم والديه لبدء الاستثمار في العملات الالكترونية أيضا.

الإيجابيات
الكسب عبر الإنترنت يوفر لكم فرصا لا نهاية لها ، يمكنك اليوم كسب المال عن طريق النقر ببساطة و مشاركة مواضيع على وسائل الإعلام الاجتماعية ، وهناك ميزة أخرى تتمثل في مرونة العمل على شبكة الإنترنت التي تسمح لك بالاستقلال وعدم وجود التزام بأن تتبع شخصا ما او جدولا زمنيا ما، يمكنك تنظيم عملك بنفسك ، وسوف تكون رئيسا لنفسك أيضا مع إمكانية العمل حيثما ومتى تريد. والشيء الآخر الذي يمكن اعتباره ميزة هو أن العمل عبر الإنترنت لا يتطلب استثمار مبلغ كبير من المال ففي البداية لن تحتاج إلا إلى حاسوب واتصال بالإنترنت يمكن إيجادهما في كل بيت في الوقت الحاضر ، ويمكنك تعيين مكان عمل في منزلك وتحويله إلى مكتب منزل رائع. أيضا ، ليس من الضروري أن تكون خبيرا أو أن تكون لديه شهادات لكسب المال على الإنترنت ، فقط يتطلب بعض المعرفة الأساسية والوقت وبعض المواهب.
السلبيات
العمل عبر الإنترنت سيقودك إلى القيام بمهامك بمفردك وبدون تفاعل، وقد يؤدي ذلك بالبعض إلى انعدام التواصل الاجتماعي والشعور بالوحدة والعزلة، وهناك أمر آخر في الوقت الحاضر هو أن هناك العديد من المواقع الإلكترونية المزورة أو الحيل والقرصنة، عليك أن تكون حذرا وتتفطن لهم كي لا ينتهي بك المطاف إلى خسارة المال لا كسبه. وبالإضافة إلى ذلك ، فإن المشكلة الكبيرة التي تحول دون كسب المال عبر الإنترنت -وهذا أمر شائع جدا في البلدان غير النامية- هي مشكلة القانون الذي يحظر هذا النوع من الأعمال أو لا ييسره بسبب البيروقراطية، ولا سيما في عملية تلقي الاجر بعد تقديم الخدمات، وهذا بسبب عدم وجود طرق الدفع الإلكتروني مثل بيبال، سكريل ، وغيرهم.. وهذه هي حالة تونس.

هل تونس مستعدة اليوم لثورة الوظائف على الإنترنت والتقنيات الجديدة؟
في عام 2021 ولا تزال السلطات التونسية تمنع التونسيين من أن الدفع الالكتروني، كدفع اشتراك نيتفليكس بالدولار أو اليورو او باستخدام PayPal, Amazon, Airbnb, drone, uber, mining, ، التمويل الجماعي ، البطاقة الدولية وغيرهم.. بينما بدأت بلدان أخرى حول العالم في التفكير لخلق تكنولوجيات جديدة تقدم خدمات أفضل من تلك.
ولسوء الحظ ، اعتقل مؤخرا في تونس مراهق يدعى حسام بوقرة يبلغ من العمر 17 عاما لمجرد استخدامه لعملات الكترونية في صفقات عبر الإنترنت ، ويبيّن هذا الاعتقال جهل السلطات التونسية التام على الرغم من ان جني الأموال عن طريق الإنترنت باستخدام التكنولوجيات الجديدة مثل العملات الالكترونية امر رائج الا ان سلطاتنا المحلية لم تدرك بعد مزاياها وما توفره هذه العملات من مزايا مثل البيتكوين التي تسمح بإجراء المعاملات المالية بأمان، ويمكن تعقبها وبتكلفة منخفضة عندما نتحدث عن التعدين.
ولم يتم إلقاء القبض على حسام بوقرة بسبب جريمة ارتُكبت، ولكن بسبب الغياب التام للقانون المتعلق باستخدام العملات الالكترونية في تونس، وهذا مماثل لحالة الطائرات بدون طيار  droneالتي تصادرها الجمارك من المسافرين فور وصولهم إلى المطار، واتهمت الشرطة حسام بغسل الأموال لأنهم لم يتمكنوا من فهم المصدر الأصلي لهذه الأموال والعثور عليه.
والمشكلة الرئيسية هنا هي عدم وجود قانون محدد في تونس ينظم استخدام الترميز وأساليب الدفع الأخرى. وتعترف البنوك الأكثر هيمنة في العالم بالعملة الافتراضية للبيتكوين وغيرها من العملات الالكترونية التي ظهرت مؤخراً مثل الإيثريوم ، وهي متواجدة وتدرج في مجال المعاملات الدولية. وهذه العملات متداولة بحرية تامة، ويمكن التعامل بها، ومعترف بها في جميع أنحاء العالم وانما ليس في تونس.
• كيف يمكن للعملات الالكترونية أن تساهم في تعزيز اقتصاد البلدان النامية؟

العملات الاكترونية تساهم في تعزيز اقتصاد البلدان النامية عن طريق الحد من الفساد وتعزيز الشفافية وسنغافورة هي أفضل مثال على بلد ازدهر بعد حملات ناجحة ضد فساد ، وشجعت سنغافورة على تهيئة بيئة مستدامة وجذابة للاستثمار الأجنبي المباشر والتنمية الاقتصادية مما أدى إلى الحد من ارتفاع معدلات البطالة وفي نهاية المطاف إلى تراجع نسبة الفقر.
ويمكن أن تكون تكنولوجيا “الاقتصاد غير النقدي” التي توفرها العملة الالكترونية وسيلة فعالة لتحسين اقتصاد البلدان النامية والحد من الفساد من خلال عدة أساليب توفرها لمكافحة الفساد ، وتستطيع الحكومات الآن أن تتحكم في كيفية إنفاق الأموال وما تنفقها عليه. وفقًا لمؤسسة الاقتصاد غير النقدي ، وهي مجموعة أبحاث أمريكية في واشنطن تقول أن التكنولوجيا الحاسوبية يمكن أن تقضي على الفساد لمدة 15 شهرًا بمجرد لمسة زر. كما تكفل العملة الالكترونية الشفافية من خلال سمات التتبع الخاصة بها وفي معالجة البيانات. وتتيح العملة الالكترونية زيادة أمن البيانات ، في حين أن تعقب المعاملات يجعلها متاحة للعلن ويمكن البحث فيها. ولا يوجد مستخدم غامض أو مجهول الهوية، وبما أنه يتم تعقب كل معاملة يمكن منع الفساد وإثراء الشفافية.

وبالإضافة إلى ما ذكر أعلاه ، فإن للعملة الالكترونية ميزة في ربح الوقت والمال في المعاملات بتخفيض رسوم التحويلات ، وهو عرض مثير للاهتمام مقارنة بالخدمات المصرفية التقليدية.

هل يمكن لتكنولوجيا الاقتصاد غير النقدي أن تكون حلا لتعزيز الاقتصاد في تونس ؟

ووفقا لما ذكره هشام سيفا، المدير العام لبنك التجاري في تونس، فإن تكنولوجيا الاقتصاد غير النقدي موضوع جدير بالاهتمام وترتكز عليه جميع المصارف في جميع أنحاء العالم، ويمكنها أن تساعد فعلا في تنمية التجارة في أفريقيا، وهذا يمكن أن يقلل من الوسطاء وبالتالي يحقق مكاسب فيما يتعلق بمواعد التسليم والتكاليف. إضافة إلى هذه المزايا فان مشاركة المصارف المركزية الأفريقية في تكنولوجيا الاقتصاد غير النقدي من شأنها ان تعزز الثقة وتضمن الامتثال لأنظمة صرف العملات الأجنبية.
أضاف السيد هشام سيفا أن استخدام تكنولوجيا الاقتصاد غير النقدي في تونس وإنشاء العملة الالكترونية لا يزال موضوعا ذا جلل بالنسبة للبنك المركزي وأن دراسة هذا الموضوع لم تتوقف فهو يعد موضوعا  معقد وله سلبياته وايجابياته.
وأضاف انه في تونس والبلدان الأفريقية عموما، ومع هشاشة موازين الاقتصاد الكلي والأوضاع الاقتصادية المختلف، ليس من المهم بالضرورة الدخول بموارد كبيرة، ولكن يجب دمجها ببطء ويقين.
اما على الصعيد الرقمي، فلا بد من إدماج الخدمات والتقنيات الجديدة إذا أردنا تحسين نوعية الخدمات وتعزيز رضا العملاء. وكلها تكفل الامتثال للجوانب التنظيمية.

وكلما زاد انفتاحنا فيما يتعلق بالتكنولوجيا ونظم المعلومات، كلما زادت المخاطر تأثير النظام خصائصه  مما يتطلب المزيد من اليقظة. إن الإبداع التكنولوجي هو مادة خام لإتاحة الفرص المتاحة في تونس، ولكنه أيضا موضوع مخاطرة، والذكاء يكمن في الجمع بين الاثنين.

الأخبار الجيدة!
وبعد ضغط وسائط الإعلام المحلية والمجتمع المدني الذي دعا إلى تحرير القاصر البالغ من العمر 17 عاما والذي ألقي عليه القبض كما ذكرنا في البداية لمجرد استخدامه عملات الكترونية لاتمام صفقة على الإنترنت. بدأ وزير المالية والبرلمان التونسي التفكير في تعديل القانون فيما يتعلق باستخدام العملات الأجنبية لأن هذا الحادث تسبب في سخط المجتمع التونسي، و نقد لاذع للاعتقال المبني على عدم الوضوح والشفافية في تونس. والأخبار الجيدة التي جاءت إبان هذه الحادثة ان البرلمان التونسي وافق في 12 جويلية 2021 على قانون إنعاش اقتصادي يمكّن الناس من فتح العملات الأجنبية لأول مرة ويسمح كذلك للشركات والأفراد بالاتفاق على تسوية مالية لانتهاكات المبادلات الأجنبية. وسوف تعمل هذه البداية على تمكين مستخدمي الأعمال التجارية على الإنترنت مثل مطوري تكنولوجيا المعلومات ، وصناع المحتوى ، والفنانين ، وكل المستقلين إلى الحد الذي يمكنهم من الحصول على دفوعاتهم من الخارج بالعملة الالكترونية أو الشراء من الخارج.
ومن الآن فصاعدا ، وبموجب المادة 11 من قانون الإنعاش الاقتصادي ، يحق للتونسيين الاحتفاظ بحسابات العملة، مما يتيح لهم إمكانية الشراء عن طريق الإنترنت وكذلك من الدفع بالعملة الأجنبية. ومن الممكن تمويل هذه الحسابات من معاملات مع أشخاص أو شركات عن طريق شركة مساهمة نهائية بنسبة 10 في المائة محسوبة على أساس المبالغ المودعة. بالإضافة إلى أن وزير المالية أدخل هذه التعديلات لتمكين الاشخاص المقيمين في الخارج دون الحصول على جنسية البلد المقيمين من الحصول على حسابات داخل العقارات والممتلكات المنقولة والعملات الأجنبية. كما يمكنهم تمويل الحسابات بالعملات الأجنبية أو بالدنانيرالتونسية بالمبالغ المودعة في هذه الحسابات لتغطية نفقاتها خارج تونس وإعادة تشكيل حساباتها بالعملات الأجنبية.
وفي نهاية المطاف، تعاني تونس من ارتفاع معدل البطالة، ولا سيما الشباب، القطاع العام مليء بالفعل بالموظفين ولا يمكنه اضافة المزيد لهذا السبب ينبغي على الحكومة أن تشجع الشباب والأجيال الصاعدة على البدء في الاستثمار على شبكة الإنترنت وتوضيف مواهبهم لكسب المال، وهذا لن يحدث بالخطابات الرنانة والوعود الزائفة، بل باتخاذ إجراءات فعلية وتيسير عملهم وحل مشاكلهم والعقبات التي تواجههم في مشكلة الدفع على الإنترنت. وينبغي للحكومة أيضا أن تعترف بأن هذا النوع من الأعمال هو عمل رسمي لأنه يمكن أن يكون حلا جيدا للحد من البطالة، وهناك أيضا عامل آخر هام ومن شأنه التأثير على عملنا في المستقبل هو جائحة الكورونا التي اضطرت معظم الناس للعمل من منزلهم وأصبح الحصول على وظيفة أصعب من ذي قبل، ولذلك من الأفضل البدء بالتفكير في إنشاء أعمالك الخاصة من خلال الإنترنت.