بيان: الاجراءات الاخيرة للحكومة ردا على الحراك الاجتماعي

0
6165

الاجراءات الحكومية الأخيرة ردا على الحراك الاجتماعي لشهر جانفي 2016

اجراءات غير واضحة أحيانا وغير ملائمة في عديد الحالات وصعبة التحقيق اجمالا في الظروف الراهنة

ان توتر الوضع الاجتماعي في الفترة الأخيرة هو نتيجة لاستمرار الضبابية فيما يخص الوضع الاقتصادي والاجتماعي وعدم البحث الجدي على تحديد معالم منوال تنموي بديل قادر على فتح آفاق حقيقية وواعدة لمعالجة الاشكاليات المطروحة على صعيد التنمية الجهوية والتشغيل بالأساس. كما أن هذا الوضع ناتج على الارتجال والاكتفاء باستعمال آليات لا تخلق الشغل المنتج والدائم بل هي تمثل مجرد مسكنات ذات انعكاسات سلبية مؤجلة على المناخ الاجتماعي ومكلفة بالنسبة للمجموعة الوطنية.

ورغم أن الاجراءات الأخيرة عبرت عن نية التخلي التدريجي في الفترة القادمة 2020/2016 عن آليات التشغيل غير المجدية الا أن القرارات المعتمدة تبقى غير واضحة أحيانا وغير ملائمة في عديد الحالات وصعبة التحقيق اجمالا في الظروف الراهنة:

  • أولا: هناك غياب الوضوح فيما يخص انتداب 23000 عاطل عن العمل من طرف القطاع العام منهم 16000 سيقع انتدابهم من طرف المصالح الادارية و7000 من طرف المؤسسات العمومية. وهنا نتساءل هل 16000 انتداب المعلن هو مجرد التذكير ب 15915 انتداب المبرمجة في قانون المالية لسنة 2016 (منهم 5240 لفائدة وزارة الداخلية و6580 لفائدة الدفاع الوطني) أو هي دفعة اضافية من الانتدابات الجديدة في الوظيفة العمومية وفي هذه الحالة من أين سيقع تمويل هذه الاضافات؟ أما فيما يخص 7000 انتداب بالمؤسسات العمومية التي تشكوا كلها من تشغيل يفوق حاجياتها ومن صعوبات مالية متصاعدة فان السؤال المطروح يتمثل في معرفة أي مؤسسات عمومية ستقوم بالانتدابات المعلنة وكيف سيتم تمويلها وماذا سيكون تأثيرها على وضع ومصير هذه المؤسسات العمومية؟
  • ثانيا: فيما يخص ادماج 30000 شاب في الخدمة العسكرية مع ضمان تشغيل نسبة كبيرة منهم بعد قيامهم بهذه الخدمة فان مثل هذا الاجراء سيكون صعب التحقيق إذا علما أن حجم القوات العسكرية يبلغ قرابة 30000 وبالتالي تحقيق زيادة بقرابة 100% بعد سنة من الخدمة العسكرية سيمثل أمرا صعب المنال حتى لا نقول مستحيلا.
  • ثالثا: تشجيع الانتصاب للحساب الخاص من طرف حاملي الشهائد العليا بفضل الغاء التمويل الذاتي و الضمان يبقى اجراء غير مضمون المردود لأسباب عديدة منها بالأساس وجود عوائق هيكلية صعب التغلب عليها في المدى القصير, نذكر منها ضعف ثقافة المبادرة الخاصة لدى الشباب و ضعف مردود المصالح الادارية العاجزة حتى على انجاز المشاريع العمومية المبرمجة في الميزانيات السنوية فكيف ستكون قادرة في هذه الحالة على تسهيل و دفع انجاز المشاريع الخاصة و بالخصوص في وضع يتميز بغياب سياسات قطاعية و مخططات جهوية و سلط محلية و مصالح ادارية كفئة تحرص على استغلال الامتيازات التفاضلية الجهوية و تحد من الاقبال المفرط على نفس المشاريع و نفس الأنشطة الاقتصادية التي غالبا ما تقود بسرعة الى حالة اشباع و تجاوز حاجيات السوق المحلية و الجهوية؟ وهو ما يتسبب في ضعف المردود لدى الجميع ويقود الى افلاس المشاريع الصغرى خلال السنتين الأوليتين كما تدل على ذلك الدراسات المنجزة في هذا المجال. الى جانب العوائق الهيكلية فانه من الصعب ترقب نتائج كبيرة فيما يخص بعث المشاريع الصغرى من ظروف تتسم بالضبابية وبضعف الحركة الاقتصادية ونسق النمو المترقب سنة 2016.
  • رابعا: فيما يخص خلق 50000 موطن شغل في إطار اتفاق بين الحكومة ومنظمة الأعراف خاصة من طرف الفضاءات التجارية الكبرى التي سيقع حثها على الانتصاب في الجهات الداخلية فمثل هذا الاجراء يبقى صعب الانجاز في المدى القريب من جهة نظرا للمنحى التراجعي الذي يميز الاستثمار الخاص في السنوات الأخيرة علاوة على ضعف الحركية الاقتصادية والقدرة الشرائية بالجهات الداخلية ومن جهة أخرى تدعيم انتشار الفضاءات التجارية الكبرى من شأنه أن يؤثر سلبا على التجار الصغار ويتسبب في خلق اشكاليات اجتماعية جديدة.
  • خامسا: فيما يخص الاجراء الخاص يفرض اجبارية التكوين المهني لكل المنقطعين عن الدراسة في مستوى الابتدائي والثانوي فان هذا الاجراء اجراء هام الا أن المنتدى يذكر بمحدودية طاقة التكوين المهني العمومي المشرفة على 136 مركزا بطاقة تكوينية لا تتجاوز 11000 متكونا سنويا ومن وكالة ارشاد وتكوين فلاحي مشرفة على 39 مركزا بطاقة تكوين تقدر ب 2035 مكونا علما أن عدد المنقطعين يفوق 100000 منقطع عن التعليم سنويا.
  • سادسا: فيما يخص الأراضي الاشتراكية فان تصفية أوضاعها بالسرعة المعلنة لا يراعي وضعياتها المعقدة من الناحية القانونية ولا يأخذ بعين الاعتبار ما قد تؤدي اليه هذه التصفية من مزيد تشتت الملكية الفلاحية. والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية يعتبر أن الصيغة الأفضل في هذا المستوى تكمن في اعتماد صيغة التعاونيات الفلاحية في إطار تدعيم الاقتصاد الاجتماعي التضامني مع الحرص على ضبط كراس شروط يضمن تحقيق تنمية فلاحية تشاركية حقيقية.

للأسباب المذكورة سابقا يعتبر المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ان مجابهة الظروف الراهنة يمر عبر العمل الجدي على الرفع من نسبة انجاز المشاريع العمومية والتخلي عن آليات التشغيل ذات المردود الضعيف مع تدعيم الآليات ذات المردود المرتفع في إطار اقامة علاقات تعاقدية مع المنتفعين بالمنح والامتيازات والزامهم على ضمان التشغيل القار مقابل هذه الامتيازات مع القيام بالمتابعة والمحاسبة والتقييم المستمر للآليات. أما فيما يخص المجهود الاستثنائي الذي يمكن أن يقوم به القطاع

الخاص فان التمشي يجب أن يكون قطاعي، تعاقدي ومباشر مع المؤسسات التي تشغل 10 أفراد فما فوق والتي تمثل قرابة 12000 مؤسسة. كما أن المجهود الاستثنائي يجب ألا يكون له صيغة اجتماعية انسانية فقط بل قائم على نظرة استراتيجية لتنمية المؤسسات والرفع من ادائها باعتماد الاستثمار في الموارد البشرية بفضل التكوين مع دعم عمومي مؤقت ومرتبط بالمجهود المبذول من طرف المؤسسة فيما يخص عدد الانتدابات. وتبقى الدولة فوق كل ذلك هي المطالبة بالعمل على ارساء سياسات قطاعية ومخططات جهوية من شأنها أن توضح الآفاق التنموية الى جانب سلط محلية قادرة على التأطير والانجاز.

عن الهيئة المديرة للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية

عبد الرحمان الهذيلي