تونس يوم 16 جوان 2015
أودع اليوم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بدعم من منظمة محامون بلا حدود، ملف “المنطقة الضحية” امام هيئة الحقيقة والكرامة. يهدف هذا الإيداع إلى إقرار “المنطقة الضحية” لولاية القصرين. وبشكل أعم فإنه يتطرق إلى مسالة الفوارق الجهوية التي سادت فترة ما قبل الثورة. ويعتبر هذا الإيداع سابقة فريدة من نوعها في مسار العدالة الانتقالية.
يجد إيداع ملف “المنطقة الضحية” مرجعيته في جذور الثورة التونسية المتمثلة في النضال ضد الفوارق الجهوية والمطالبة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية. تحت وطأة تهميش وإهمال سلطة أفرطت في مركزيتها، تم إقصاء بعض الجهات من كل برامج التنمية في ظل النظام الديكتاتوري الذي عرف نهايته يوم 14 جانفي 2011.
وتعتبر ولاية القصرين مثالا صارخا لهذا التهميش الممنهج الذي أدى إلى حرمان متساكني هذه الجهة من أبسط حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية مثل التعليم والصحة وخاصة التشغيل.
وتحتل القصرين المرتبة الأدنى في تونس على مستوى مؤشر التنمية البشرية. هذا ما أكده علاء الطالبي، المدير العام للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية: » إنها الولاية صاحبة الأرقام الأكثر تدهورا، أكثر من واحد من أربعة أشخاص عاطل عن العمل، واحدة من كل ثلاث أسر لا تستطيع الوصول إلى المياه الصالحة للشراب ونسبة الأمية تصل إلى 32٪، مقابل 12٪ في تونس«. هذا ما يؤدي إلى هجرة الناس إلى مناطق أكثر إنتاجية أملا في العثور على وظيفة، غالبا في ظروف بائسة.
» بعد أربع سنوات من الثورة، مازالت توقعات السكان الأكثر تهميشا لم تجد صدى لدى مؤسسات الدولة« ، هكذا أفاد أنطونيو منقانلا مدير بعثة محامون بلا حدود بتونس. » غير أنه لضمان نجاعة مسار العدالة الانتقالية يجب عليها أيضا معالجة مسألة عدم المساواة الجهوية الناجمة عن خيارات خاطئة من قبل الدولة «.
من خلال ملف “المنطقة الضحية”، يطالب المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بدعم من منظمة محامون بلا حدود، هيئة الحقيقة والكرامة، التمعن في حالة جهة القصرين وغيرها من الجهات التي يمكن أن تعتبر قد عانت من التهميش أو الإقصاء المنظم. كما أن هيئة الحقيقة والكرامة مدعوة أيضا إلى التوصية باتخاذ تدابير، لا سيما لدى سلطات الدولة لمعالجة أسباب وعواقب التهميش التي تعاني منها القصرين وجهات أخرى في تونس. وتهدف هذه التوصيات إلى ضمان عدم تكرار مثل هذه الحالات في المستقبل.
يجب على التدابير الموصى بها من قبل هيئة الحقيقة والكرامة أن تنخرط في عملية تفعيل بعض المكاسب الدستورية، مثل اللامركزية، والتمييز الإيجابي وإنشاء آليات الديمقراطية والحكم التشاركي الذي يمكن المجتمع المدني من المشاركة في التخطيط لمشاريع التنمية الجهوية.
» نأمل أن مبادرتنا ستؤدي إلى اتخاذ تدابير مؤيدة لتعزيز التنمية المتكاملة لمناطق مختلفة من البلاد. لأننا نؤمن بأن العدالة الانتقالية في تونس يمكن أن تلعب دورا أساسيا في ظهور نموذج تنمية يحترم حقوق الإنسان ويأسس فعليا للدولة الديمقراطية. «هكذا ختم علاء الطالبي.
إيداع ملف “المنطقة الضحية” امام هيئة الحقيقة والكرامة يندرج ضمن القانون الأساسي (عدد 2013-53 الصادر بتاريخ 24 ديسمبر 2013) المتعلق بمسار العدالة الانتقالية والمنظم لها.