التحركات الاحتجاجية الاجتماعية الجماعية والفردية خلال شهر أوت 2016

0
3505

التحركات الاحتجاجية الاجتماعية الجماعية والفردية خلال شهر أوت 2016

تشكلت الحكومة الجديدة نهاية شهر أوت وحظيت بدعم مجلس نواب الشعب، ملف هام وأساسي أغلق بعد مخاض عسير تواصل حوالي الشهرين، المهم أن الحكومة الجديدة مقبلة على جملة من الملفات الحارقة والتي تتطلب المعالجة على مستويات متعددة منها العاجلة والسريعة والأخرى ذات الأبعاد الاستراتيجية.

 لقد أشرنا في تقاريرنا السابقة إلى العديد من الإشكالات في عديد القطاعات والجهات والتي كانت من الأسباب الرئيسية لعديد الاحتجاجات التي تم رصدها خلال الأشهر الماضية، نذكر بأهم ملامحها في هذه القراءة السريعة وذلك للعمل على تداركها:

 الملفات الاجتماعية بالخصوص تصدرت العديد من الاحتجاجات، هذه الملفات التي كانت أساس ومحرك الثورة التونسية، تردي الأوضاع الاجتماعية في ظل تخمة إعلامية وخطاب سياسي مفتوح وقدرة على الإدلاء بالرأي والاحتجاج وتوفر وسائل وآليات فعل جديدة تمكن من بلورة الاحتجاج والارتقاء بممارسته، ارتفاع الأسعار وتدني القدرة الشرائية، الأوضاع السكنية والبطالة والتهميش، إشكالات الماء والنور الكهربائي، تدني الخدمات الاجتماعية، التباعد الكبير والهوة الشاسعة بين التطلعات الاجتماعية والإمكانات الفعلية لتحقيق هذه التطلعات، الثراء السريع لبعض الفئات الاجتماعية مقابل تطور مختلف مؤشرات الفقر وارتفاع عدد الذين يعانون الخصاصة وحتى الحرمان، عمالة الأطفال، الانقطاع التلقائي عن التعليم، الأوضاع الاجتماعية للمرأة العاملة وخاصة المرأة الريفية …إلى غير ذلك من الملفات التي كنا أشرنا إليها والتي تتطلب المراجعة كما ذكرنا.

وضعيات عمال الحضائر والمعتصمين المطالبين بالتشغيل، الوضعيات الاجتماعية الهشة والمهمشين، الهجرة غير النظامية وتجارة الحدود، التهريب والإرهاب … إلى غير ذلك من المسائل التي لا تزال عالقة وتتطلب التدخل والحسم.

طرح الملف الاقتصادي منذ الساعات الأولى للثورة، الأوضاع التنموية بالجهات الداخلية وبالخصوص مختلف إشكالات اللا توازنات التنموية الجهوية، لا توازنات تعكس جملة من اللا توازنات الأخرى وبالأساس اجتماعية وتربوية وصحية وبيئية… إلى الآن لم تتبلور بعد استراتيجية تنموية قادرة على استيعاب مختلف التناقضات التنموية التي أشرنا إليها، فاعل اقتصادي جديد، وسائل وآليات مختلفة ومتنوعة، فضاءات مغايرة، أساليب وثقافة إنتاجية وتسويقية ملائمة لطبيعة المرحلة، التوظيف الكلي والاستفادة من تكنولوجيات الاتصال في معالجة مختلف الملفات الاقتصادية .

كان للملف الإداري مكانة أساسية في جملة الاحتجاجات التي رصدناها وذلك لسببين اثنين على الأقل، الأول، أن جل الاحتجاجات وخاصة في الجهات الداخلية كانت أمام مقرات أو داخل مقرات إدارية والسبب الثاني يعود لكون الإدارة كانت في الغالب موضوع الاحتجاج، نحن نفصل هنا بين الإدارة باعتبارها هيكل تسيير وإشراف وتوفير خدمات، وهذه تتطلب الإصلاح، وقد رفع شعار الإصلاح الإداري في عديد المناسبات ولو أن الانجازات لم ترتق إلى ما هو مأمول، الإدارة هنا كما يتعامل معها المحتجون، هي سلطة الدولة أو الآلية التي عبرها تتجسد قرارات الدولة، ولهذه الأسباب كانت إحدى الأسباب الأساسية للاحتجاجات وخاصة في المناطق الداخلية.

عديدة هي الإشكالات ذات العلاقة بالمنظومة التربوية والتعليمية، لقد كانت الفضاءات التربوية وكل الفضاءات ذات الصلة مثل مقرات المندوبيات الجهوية للتعليم أو الإدارة المركزية مجالات لعديد الاحتجاجات التي تنوعت وتعددت أشكالها وأسبابها وخلفياتها، فمن حيث الكم سجلنا خلال سنة 2015 أكبر عدد من الاحتجاجات في هذا القطاع، وهذا يعود لحجم وكثافة المؤسسات التربوية والتعليمية والعدد الهائل من مريديها، إذ يكفي أن نشير إلى كون عدد مؤسسات التعليم الإعدادي والتعليم الثانوي هو بحدود 1392 مؤسسة هذا عدا مؤسسات التعليم الأساسي والتعليم العالي. الإشكالات داخل هذه المنظومة كبيرة وشائكة ودعوات الإصلاح منذ عقود لم تكن كافية لوضع حد لهذه الإشكالات، فتغير منهجيات المعالجة من المسائل الجوهرية في هذه المرحلة للحد من حالة التصدع والعطالة ولفتح المدرسة على محيطها والارتقاء بأدائها واجتثاث كل أشكال العنف والاحتجاجات التي تفرزها.

رصدنا عديد الاحتجاجات ذات العلاقة بالمسألة الأمنية، احتجاجات للتنديد أحيانا ببعض الممارسات الأمنية وأخرى لدعم المؤسسة الأمنية في مواجهة الإرهاب والعنف وكل أشكال الجريمة، منذ بداية هذه السنة، سجلنا تراجعا هاما في حجم الاحتجاجات على الممارسات الأمنية، فالتعامل مع المحتجين والمتظاهرين تغير بشكل كبير إلا أن بعض الممارسات الأخرى وخاصة داخل المؤسسات الأمنية لا تزال مصدرا لعديد الاحتجاجات، دعوات كثيرة تطالب بإصلاح المنظومة الأمنية والدقة في التعامل مع الملف الإرهابي حتى لا يحد من الحريات الفردية والعامة ويفتح المجال ولو بشكل تدريجي لعودة ممارسات أمنية سابقة تم شجبها والعمل على اجتثاثها.

برزت عديد الاحتجاجات حول الخدمات الاستشفائية في فترات متعددة وخاصة في الجهات الداخلية حيث البنية التحتية الصحية متواضعة وأحيانا تغيب الخدمات الصحية في عديد المستوصفات، هذا علاوة على غياب طب الاختصاص والإطار الطبي وشبه الطبي الكافي، لقد طفحت على السطح عديد الإشكالات حول الأخطاء الطبية وغياب الدواء وضعف التجهيزات الطبية وأحيانا عطالتها هذا علاوة على ملفات أخرى كاللوالب القلبية أو معدات التبنيج والوضع بالمصحات الخاصة والعلاقة بالكنام… ملفات عديدة تتطلب المعالجة السريعة وذلك لوضع حد للا توازنات في المجال الصحي في مختلف الفضاءات الاستشفائية وعدم تساوي الحظوظ أمام مختلف الأمراض لكل المواطنين.

نرصد بشكل دوري تشكيات واحتجاجات على تردي الخدمات الصحية حتى في المستشفيات الكبرى، وإن كانت هذه الاحتجاجات في معظمها كامنة إلا أنها تبرز حدة العنف في هذه الفضاءات والتي تجاوزت في بعض الحالات الخطوط الحمر.

 

العربية

Télécharger (PDF, 1.38MB)

 

 

الفرنسية

Télécharger (PDF, 1.48MB)