في السرديات اللامرئية لحوادث شاحنات النقل الفلاحي : نساء مغيلة واطفالها بين فكّي كماشة الجوع والموت

0
3467

في السرديات اللامرئية لحوادث شاحنات النقل الفلاحي

نساء مغيلة واطفالها بين فكّي كماشة الجوع والموت

 

مقال: حياة العطار

صور ورسوم: منتصر عيساوي

منطقة المغيلة الواقعة بين ولايتي القصرين وسيدي بوزيد هي منطقة تواجه منذ عقود ثالوث الفقر والبطالة والتهميش، لم يجْنِ متساكنوها من الثورة سوى مزيدا من الفقر والوصم والإرهاب، وأحيل جلّهم على البطالة القسرية. نساء هذه المنطقة اضطرتهن ظروفهن الاجتماعية وقسوة المجال الجغرافي للتنقل الى الولايات المجاورة والعمل بحثا عن بديل للقمة هي في أصلها غُثّة، كن يجلبنها من جمع وبيع نباتات الصنوبر الحلبي والإكليل و”العرعار” والحلفاء من جبال المغيلة قبل ان تصبح مرتعا للإرهاب ومقبرة للرعاة والمواشي، وتتحول إثر ذلك الى مسرح للمواجهات المسلحة بين عناصر الجيش التونسي والمجموعات الإرهابية.

دوار البلاهدية، دوار الخلايفية، دوار السعايدية ودوار الصوايفية: أسماء لقرى وتجمعات سكنية متاخمة للمنطقة العسكرية المغلقة بجبل مغيلة. قرى لم نكن نسمع عنها قبل فاجعة 27 افريل 2019 ثم أصبحت اسماؤها متداولة جراء تكرر الحوادث. هناك، حيث الأرض الجُرُز اليابسة الغليظة التي لا زرع فيها ولا ماء تشرئب اعناق النساء الى الطرقات الرئيسية معلنات عن الاستعداد للالتحاق بالشاحنة والذهاب حيث لا يعلمن في سبيل ان يعدن بقوتهن مساءً. هناك في تلك القرى المنسية لا خيار للفتيات سوى ركوب الشاحنات والعمل في الحقول. جلّهن انقطعن عن الدراسة في سن مبكرة وبعضهن لم تطأ اقدامهن المدارس، أما اللاتي حالفهن الحظ واستطعن تحدي كل هذه المعيقات وبلوغ المرحلة الثانوية فلهن من العمل الفلاحي نصيب خلال العطل المدرسية.

Télécharger (PDF, 921KB)