هل فكرنا يوما كيف ستكون أوضاعنا الحياتية و البيئية بدون أعوان النظافة؟

0
5371

بقلم سوسن الجعدي (رئيسة فرع القيروان للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية)    

هل فكرنا يوما كيف ستكون أوضاعنا الحياتية و البيئية بدون أعوان النظافة؟

هل فكرنا إن وقع توفير الضروريات لهم حتى يقوموا بعملهم في احسن الظروف و حتى يتمكنوا من حماية أنفسهم خاصة في ظل الوضع الوبائي الذي تعيشه بلادنا؟!

هي هذه التساؤلات التي دفعت فرع القيروان للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية و الاجتماعية الي القيام بحملة تَوْعوية مُوجهة لعمال النظافة بالجهة  تحت شِعار “بلادك في حاجة ليك، احمي روحك يهديك” لِتحسيسهم بأهمية احترام البروتوكول الصحي و اعتماد الممارسات السليمة التي تَقيهم عدوى الكوفيد19 و غيره من الامراض و الفيروسات عَبر تقديم إرشادات مُبسطة من إطارات إدارة الصحة ،و كنا بذلك أول منظمة تتنقل إلى مستودع تابع للبلدية و تقوم بهذا العمل بحضور اعوان البلدية و الاعوان الراجعين بالنظر إلى المقاولين المُكلفين من البلدية برفع الفضلات و بإشراف رئيس بلدية القيروان مشكورا و بعض الإطارات الاخرى .

و قد كانت هذه الحملة التحسيسية فرصة مكنتنا من التواصل مع الاعوان و من الاطلاع على عين المكان على ظروف العمل و على المعدات و وسائل الوقاية الموضوعة على ذمتهم ولاحظنا الآتي :

-نقص التكوين: أثناء توزيعنا ” للفلاير” و تقديمنا لبعض التوصيات عبر عرض للممارسات السليمة التي من شانها تحسيسهم بكيفية التوقي من عدوى الكوفيد 19،لاحظنا أن اغلبهم لم يتلقى أي تكوين او تثقيف في هذا الشأن و هو ما قد يعرض سلامتهم و سلامة عائلاتهم للخطر ،خاصة و أن تَعرض اي عامل للعدوى قد يُؤدي الى غلق المستودع مما ينجر عنه غرق أجزاء من المدينة في الفضلات مما يهدد الاوضاع البيئية و الصحية بالجهة.

-الافتقار لوسائل الوقاية الكافية: رغم توفر القفازات و الكمامات و مواد التنظيف إلا أن كمياتها تبقى محدودة و لا تفي بكل حاجياتهم ؛و قد لاحظنا غياب لباس و احذية خاصة بالعمل و بالتحري علمنا ان البلدية خصصت منحة مالية لهذا الغرض توزع على الاعوان و لكن لضعف مدخولهم فإن الاعوان  يخصصونها لقضاء شؤون اخرى و هذا ما يفسر نية اعضاء المجلس البلدي تعويض المنحة باقتناء ازياء موحدة  و توزيعها على اعوان البلدية.

-ظروف العمل: كان مستودع البلدية الذي زرناه نظيفا و يحتوي على بعض النباتات و وحدة صحية و حوض وحيد لغسل الايدي ،كما لاحظنا بداية اشغال لبناء “أدواش”.و إن كنا نثمن مجهودات رئيس الدائرة، إلا ان المُلاحظ ان المستودع يفتقر إلى غرفة تبديل ملابس و هي بنظرنا في غاية الاهمية لتمكن الاعوان من تغيير ملابس العمل و الرجوع الي بيوتهم بملابس اخرى نظيفة .

-غياب التقدير لعملهم: عَبر الكثير من عمال النظافة الذين التقيناهم عن استيائهم من المعاملة المُهينة لبعض المواطنين تجاههم، وهي تصرفات تنم عن عدم التقدير لما يبذلونه و لدورهم الهام في الحفاظ على نظافة و سلامة المواطنين و المحيط .

التوصيات :

  • توفير ملابس عمل مُوحدة واحذية لكل العمال تناسب مقاساتهم لتحميهم من الحوادث و من نقل الفيروسات او غيرها ،و الزامهم بارتدائها .

  • ايلاء الاهتمام اللازم لطب الشغل (حسب مقتضيات منشور وزير الداخلية عدد7 لسنة 2012).

  • رصد الموارد المالية اللازمة لتجهيز المستودعات البلدية بغرف تبديل الملابس و بالوحدات الصحية و احواض غسل الايدي و الحمامات الكافية لعدد العمال .

  • توفير آليات الكنس الآلي لمعاضدة و تسهيل عمل الاعوان ،اذ ان جهة القيروان تفتقر اليها.

  • توفير الاعداد الكافية من وسائل الوقاية (الكمامات،القفازات ،مواد التنظيف..) و شروط السلامة المهنية .

  • تكثيف عمليات التثقيف الصحي للاعوان.

  • مراقبة مدى التزام المقاولين بكراس الشروط فيما يتعلق بتوفير الظروف الملائمة لعمل الاعوان المكلفين برفع الفضلات.

  • العمل على اعادة الاعتبار لأعوان النظافة : هو عمل بعيد المدى يهدف الي تقدير و تقييم المِهن باعتماد مدى اهميتها للمجتمع و مدى مَشقتها و ذلك بالعمل على الترفيع في اجورهم و في منحهم لتحفيزهم ،و بتحسين ظروف عملهم و بإدراج ذلك في المناهج التعليمية لتغيير العقليات .

  • على المجتمع المدني بالجهة العمل على رفع وعي المواطنين بالثقافة البيئية و باحترام مواعيد رفع الفضلات و بإحكام غلق الاكياس البلاستيكية و فرز النفايات و حسن معاملة اعوان النظافة.

اخيرا نعبر عن شكرنا لكل اعوان النظافة جنود الصفوف الامامية في مواجهة الامراض و الاوبئة و حراس السلامة البيئية والصحية لمجمل المواطنين التونسيين ،كل التقدير ايضا لأعضاء المجلس البلدي المُنتخب بالقيروان، والذي وان تُفرقه الرؤى الحزبية والأيديولوجية تَجمعه مصلحة الجهة و مشاغل المواطنين و العمل على تحسين الاوضاع البيئية. و لا يفوتنا أن نُنوه بأن دسترة “الحق في بيئة سليمة”(الفصل 45) و إن كان يُعد مكسبا هاما إلا انه في حاجة الى الكثير من التفصيلات و الآليات الكفيلة بتكريسه كحق اساسي لكل مواطن تونسي بدون تمييز.

 

رابط الفيديو لليوم التحسيسي : حملة تحسيسية لفائدة أعوان النظافة بالقيروان – YouTube