ارفعوا أيديكم عن شواطئنا…

0
6106

ارفعوا أيديكم عن شواطئنا…

ملتقى التبادل الشبابي لمشروع العدالة البيئية في نسخته الثالثة من 15 إلى 20 جوان 2020 بولاية نابل

**************************************

التأم ملتقى التبادل الشبابي لمشروع العدالة البيئية في نسخته الثالثة من 15 إلى 20 جوان 2020 بولاية نابل. وكان فرصة أطلع من خلالها مجموعة من الشباب أصيلي ولايات القيروان وقفصة والمنستير على المشاكل البيئية بولاية نابل وأهم التحديات التي تواجه المواطنين وأصحاب القرار للحد من التلوث الصناعي وحماية الشواطئ من الانجراف والبناء الفوضوي ولتوفير الماء الصالح للشراب والصرف الصحي اللائق لسكان المناطق الريفية.

وقد ساهم الشباب المشاركون، الذين تم تكوينهم من قبل فريق مشروع العدالة البيئية في كتابة المقالات وتركيب الأفلام، في إنتاج خمس مقالات وأربع فيديوهات تلخص وتطرح بطريقة نقدية المشاكل البيئية التي اطلعوا عليها خلال الزيارات الميدانية المنظمة في برنامج التبادل الشبابي.

فشكرا لراضية بلحاج صالح، أحمد بلخيري، زكرياء خلايفي، وفاء الطرفاوي، زياد بن عايشة، آدم النجار، خيرالدين خليفي، هشام بن بوبكر ومحمد علاء الدين السالمي على الجدية والحرص على إنهاء هذه الانتاجات في فترة وجيزة.

 تنشر مجمل هذه الاعمال  تباعا.

*********************************************

برنامج التبادل الشبابي لمشروع العدالة البيئية في نسخته الثالثة: قربة من 15 الى 20 جوان 2020

تقرير من إعداد:

أدم النجار   (المنستير)

هشام بنبوبكر (الرديف)

زياد بن عائشة (المنستير)

تنسيق: رابح بن عثمان

لطالما مثلت ولاية نابل قبلة للسياح الذين يأتونها من كل ربوع الجمهورية التونسية و من خارجها بفضل جمال شواطئها التي كانت تعتبر من أجمل شواطئ البلاد لكن هذه الصورة تحولت اليوم إلى كابوس بسبب الاعتداءات الصارخة التي تتعرض لها المنظومة الإيكولوجية في الجهة.

وفي هذا الإطار قمنا كنشطاء في المجتمع المدني بزيارة هذه الولاية للاطلاع على الوضعية البيئية ولقاء عدد من المسؤولين و المواطنين و ممثلين عن عدد من المنظمات لنكتشف في نهاية المطاف أننا إزاء كوارث بيئية حقيقية تتهدد الجهة برمتها سيما في ما يتعلق بالاعتداءات التي تطال الشريط الساحلي و الانتهاكات البيئية التي تتعرض لها السباخ.

1.الانتهاكات على الشواطئ:

ينص القانون عدد 72 المؤرخ في 24 جويلية 1995 الذي يتعلق بإحداث وكالة حماية و تهيئة الشريط الساحلي تحديدا في الفصل الرابع على أنه “تكلف الوكالة بحماية الشريط الساحلي من التجاوزات المتصلة خاصة بالبنايات و الإحداثات المخالفة للقوانين و التراتيب الجاري بها العمل…”

GDE Error: Error retrieving file - if necessary turn off error checking (503:Service Unavailable)

وفي الفصل 28 “يعاقب بالسجن من 16 يوما إلى سنة و بخطية تتراوح بين 100 دينار و 50 ألف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط كل شخص يقوم بالتعدي أو التخريب المؤثر على الملك العمومي البحري و بصفة عامة بكل عمل يضر أو من شانه أن يلحق ضررا بسلامة هذا الملك و المنشات التي يحتوى عليها أو أن يغير موقعها أو يتسبب في إتلافها أو أن يخل بالتوازن الطبيعي…”

و رغم هذه التشريعات تفاقمت مظاهر الإنتهاكات على الشريط الساحلي فأثناء زيارتنا للمعمورة التي تبعد 7 كيلومترات عن مدينة نابل و التي قامت على أنقاض مدينة رومانية قديمة التقينا السيد محمد البناي رئيس “جمعية حماية الشريط الساحلي بالمعمورة “الذي أكد لنا أن شاطئ المعمورة ,الذي لا يتجاوز طوله 7.5كم, يتعرض في السنوات الأخيرة إلى عدة إعتداءات تتمثل أساسا في تأثيرالمواد الكيميائية المستعملة في  أحواض تربية الأحياء البحرية و مياه الصرف الصحي الملقاة مباشرة في البحر اضافة الى إقامة ميناء دون إستيفاء الشروط الفنية مما أدى إلى إنحسار التيارات البحرية و هجرة السمك بسبب التصحر البحري.

 وتجدر الإشارة إلى أن عدد سكان المعمورة يتضاعف 5 مرات في الصيف من 8000 إلى 40000 ساكن مما يفاقم من حدة التأثيرات السلبية على الشاطئ بفعل العامل البشري (pression anthropique).

شاطئ المعمورة في 17 جوان 2020

أما في مدينة قليبية, وخاصة في شاطئ “باريس الصغرى”, فيتكرر نفس المشهد سيما في ما يتعلق بالتعدي الصارخ على الملك العمومي البحري و المتمثل أساسا في إستغلال الشاطئ و بناء مقاهي و إقامات و منازل خاصة وإستعمال صخور الشاطئ الطبيعية  في عملية البناء و جلها على ملك بعض رجال الأعمال و المتنفذين و هو ما يطرح السؤال حول تطبيق القانون و إنفاذه  و قدرة السلط المحلية و الجهوية على محاسبة المعتدين على الملك العمومي إضافة إلى وجود شبهات فساد.

 و الأكيد على أن لهذه الإعتداءات تأثيرات مباشرة ستطال الجانب الجمالي للشاطئ و الجانب البيئي(التضييق على التيارات الهوائية وإنحسار المد و الجزر).

شاطئ باريس الصغرى في 18 جوان 2020

استعمال حجارة البحر الطبيعية في عملية البناء

 

2-الانتهاكات على  السباخ:

تعرف السباخ على أنها أرض مستوية  وهي عبارة على أرض ملحية يتميز سطحها بوجود ترسبات ملحية و جبسية و ترسبات كربونات الكالسيوم و كذلك رواسب جلبتها الرياح و المد المائي و قد تحوي على الماء طبقا لأطوار تكونه[1] و تلعب دورا هاما في التخفيف عن أثار التغير المناخي حيث تقوم بتخزين المياه و تغذية المائدة المائية و الحماية من العواصف و التخفيف من الفيضانات التي أصبحت تهدد الولاية برمتها و تقوم بالمساهمة في استقرار الشريط الساحلي و مكافحة التعرية.

وقد انضمت تونس إلى اتفاقية رامسار سنة 1971 و هي معاهدة دولية للحفاظ و الاستخدام المستدام للمناطق الرطبة 2 كما عملت على إعداد الإستراتيجية الوطنية لحماية المناطق الرطبة 2020-2025[2].

أثناء زيارتنا لمدينة تازركة إلتقينا بالسيد أنيس قاسم رئيس “جمعية حماية البيئة بتازركة” الذي تحدث لنا عن التلوث الذي تتعرض له سبخة تازركة بسبب مياه الصرف الصحي و فضلات معامل النسيج     و مسالخ الدجاج ومعمل السردينة و للتأكيد على مدى خطورة الوضع أوضح لنا أن الجمعية قامت برفع عينات من مياه السبخة التي تحتوي على معادن ثقيلة ستتسبب في ظهور أمراض خطيرة خاصة الأمراض السرطانية.

أما بالنسبة لسبخة قربة فتقف شاهدة على الضرر الحاصل بسبب الزحف العمراني و المياه المستعملة المتأتية أساسا من الديوان الوطني للتطهير و مصانع الطماطم الذي أدت إلى فيضان السبخة لتصل المياه إلى أراضي الفلاحين.

سبخة قربة في 16 جوان 2020

ولا تختلف هذه الوضعية في حمام الغزاز عن مثيلاتها في قربة حيث تتعرض سبختها إلى إعتداءات متكررة جراء البناء الفوضوي و الزحف العمراني و إلقاء الفضلات المنزلية إضافة إلى  تحولها في الصيف إلى مأوى للسيارات.

سبخة حمام الغزاز في 18 جوان 2020

نفوق الطيور بسبب التلوث
بناء فوضوي و مصب عشوائي

يكشف حجم الانتهاكات التي تتعرض لها المدن الساحلية لولاية نابل (قليبية و المعمورة و تازركة و قربة و حمام الغزاز) غياب إرادة سياسية و غياب استراتيجية واضحة لحماية المنظومة الإيكولوجية برمتها.

فالاعتداءات المتكررة على الملك العمومي البحري و الاعتداءات التي تطال منظومة السباخ تبين بما لا يدعو للشك أن المسألة البيئية مسألة ثانوية و لا تحظى بأي اهتمام و رغم أهمية التشريعات و تعددها لتتواصل الإعتداءات بصفة دورية على مرأى و مسمع جميع السلط المحلية و الجهوية التي تتقاطع مصالحها في بعض الأحيان مع مصالح المتنفذين و بعض رجال الأعمال.

و لعل من بعض الحلول التي يمكن إقتراحها في هذا المجال تفعيل  القوانين  الموجودة و إنفاذها دون الأخذ بعين الإعتبار المكانة الإجتماعية للمعتدي كذلك مراجعة كراس الشروط التي بموجبها وقع إسناد الرخص لبعض المستثمرين و مراقبة حسن تنفيذ البنود في علاقة بالمنظومة البيئية. و من بين الحلول أيضا العمل على تفعيل الاستراتيجيات الوطنية و إلزام الديوان الوطني للتطهير باحترام المعايير البيئية المعمول بها ودعوته للتنسيق مع الإدارات الجهوية للفلاحة خاصة في ما يتعلق باستخدام المياه المعالجة و تثمينها.

 

 

[1] https://ar.wikipedia.org/wiki/سبخة

[2] http://news.tunisiatv.tn/تونس-تحتفل-باليوم-العالمي-للأراضي-الرطبة/2019/02/احداث