نظام الحماية الاجتماعية للعاملات الفلاحيات: سياسة للحماية أم اعادة تدوير للهشاشة؟
حياة العطار
تأتي ايضا هذه الورقة بعد مرور أكثر من ستة أشهر على صدور المرسوم عدد 04 لسنة 2024 المتعلق بنظام الحماية الاجتماعية للعاملات الفلاحيات وبعد إعلان السلطة بجهازيها الرئاسي والتشريعي عن جملة من الإجراءات ضمنتها في قانون المالية لسنة 2025 تخص احداث صندوق للحماية الاجتماعية ومصادر تمويله. إجراءات لم تكتمل بعد ملامحها وأساليب تنفيذها على اعتبار ضرورة إلحاقها بنصوص ترتيبية وبقرارات وزارية.
وإذ يعدّ هذا المرسوم نظريا نقطة فاصلة في قضية العمالة الفلاحية النسائية في تونس ليس فقط لكونه أول نص تشريعي يعترف بحقوق هذه الفئة في الحماية الاجتماعية وانما أيضا لأنه مثّل حافزا للعاملات الفلاحيات للعودة الى الشارع للاحتجاج والضغط ميدانيا واعلاميا من أجل نزع الاعتراف وافتكاك الحقوق، فان مضمونه يفتح بابا واسعا للتفكير والنقاش والنقد ويطرح تساؤلات حول إمكانية تطبيقه. وإذا ما اعتبرنا هذا المرسوم خطوة جدية للتأسيس لواقع جديد للعمالة الفلاحية فان ملامح هذا الواقع وآفاقه ستحدده حتما إرادة السلطة ومدى جدّيتها في احداث التغيير من ناحية ومن ناحية أخرى نضالات العاملات الفلاحيات واستماتتهن في افتكاك حقوقهن، وحدود التزام المدافعين والمدافعات عنهن في مواصلة مسار المناصرة وفق بوصلة الحق ومنطق الاستحقاق لا الحاجة.
يمكن ادراج هذه الورقة ضمن آليات المناصرة دفاعا عن حقوق العمالة الفلاحية النسائية نهدف من خلالها الى تسليط الضوء على نظام الحماية الاجتماعية المحدث الذي بدأنا نتحسّس ملامحه من خلال ما جاء في المرسوم عدد 04 لسنة 2024 وفي الفصلين 15 و16 من قانون المالية الجديد ومدى استجابته لشروط ومبادئ الحماية الاجتماعية.
وانطلاقا من واقع العمالة وتجليات هشاشتها الاقتصادية والاجتماعية المثبتة والموثقة في الدراسات والبحوث وفي السرديات المرئية واللامرئية نحاول البحث في مواضع الخلل وفرضيات النجاح.