التطبيع مع مآسي حوادث الشاحنات والانسحاب المخزي للدولة أرواح بشرية أم مجرد أرقام

0
2389

 التطبيع مع مآسي حوادث الشاحنات والانسحاب المخزي للدولة 

أرواح بشرية أم مجرد ارقام؟ 

 

تونس في 05 أكتوبر 2023 

شهدت معتمدية سيدي علي بن عون التابعة لولاية سيدي بوزيد صباح الخميس 5 أكتوبر 2023 حادثا اليما اودى بحياة عاملة فلاحية وإصابة تسع اخريات بواسطة شاحنة  تنقل العملة والعاملات الى الحقول علما وقد شهدت نفس الولاية قبل 10 أيام، تحديدا يوم 24 سبتمبر  المنقضي، حادثا أصيبت على إثره 22 عاملة بإصابات متفاوتة الخطورة لتبلغ حصيلة الحوادث التي رصدها المنتدى منذ سنة 2015 الى غاية اليوم عدد 68 حادثا توفيت على إثرها 55 عاملة وخلفت 796 جريحة. نسبة من هذه الحوادث ليست بالهينة جدّت بعد اصدار القانون عدد 51 لسنة 2019 المتعلق بإحداث صنف نقل خاص بالعملة والعاملات في القطاع الفلاحي وقدّرت هذه الحوادث حسب المعلومات المتاحة للرصد والمتابعة، ب32 حادثا و283 جريحة و15 حالة وفاة. ويتركز نصف عدد هذه الحوادث في ولايتي سيدي بوزيد والقيروان باعتبار الصبغة الفلاحية لمجاليهما الذي يعتبر وجهة للعاملات من الولايات المجاورة الى جانب تردي البنية التحتية والظروف الاقتصادية والاجتماعية والوضع التنموي للولايتين. كما تتوزع بقية الحوادث بين ولايات القصرين وسليانة وجندوبة والكاف… 

 واذ يتابع المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية الى جانب المنظمات والجمعيات المهتمة بقضايا العمالة الفلاحية، النسائية بشكل خاص، ويرصد الانتهاكات المسلطة عليها والعنف متعدد الأوجه الذي يمارس ضدها، فانه يستغرب حالة الصمت والتجاهل التي تنتهجها السلطة إزاء هذه المآسي والتي ترتقي الى درجة التواطؤ والاجرام في حق اليد العاملة في القطاع الفلاحي وفي حق العمالة النسائية بشكل خاص، ويدين انسحاب الدولة الواضح من هذا الملف وترك النساء عاملات الفلاحة عرضة للاستغلال والاتجار والعنف والقتل الغير مباشر. 

كنا في المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية قد وجهنا في عديد المناسبات رسائل الى السلطة وقدمنا مقترحات عملية ودراسات ميدانية وطالبنا في عديد المناسبات بلفتة جدية الى الملف وإعطائه الأولوية اللازمة وإنقاذ أرواح النساء وكرامتهن، وشددنا على ضرورة إيقاف نزيف الحوادث وتطبيق القانون. لكن يبدو أن السلطة تنتظر فاجعة أخرى كفاجعة 2019 حتى تتحرك من جديد وتلبي النداء.  

وإذ يتقدم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بأحر التعازي الى عائلة العاملة التي توفيت صباح اليوم والى كل العاملات الفلاحيات في كل ربوع البلاد ويتمنى الشفاء العاجل لكل الجريحات فانه:  

  • يندد وبشدة صمت وتخاذل السلطة وتجاهلها لفئة مركزية في الدائرة  الاقتصادية وطاقة بشرية هامة وقوة إنتاجية كبيرة تعاني التهميش وعدم الاعتراف والتمييز وعجزها عن إيجاد حل لحمايتها وحفظ كرامتها  
  • يدين تساهل أجهزة الدولة في التعامل مع الوسطاء وأصحاب شاحنات النقل وممارساتها التي تتناقض مع الدور الموكول عليها في تطبيق القانون المتعلق بتنظيم نقل العملة والعاملات وانخراط بعضها في عملية استغلال العاملات وترهيبهن حيث يتغافل بعض أعوان انفاذ القانون عن جرائم الوسطاء وسائقي شاحنات الموت بمقابل مادي، وفق شهادات العاملات. اذ لا أحد فوق القانون ولابد من محاسبة كل من تسوّل له نفسه المشاركة في الجرم أو التستّر عليه. 
  • يدعو، بشكل عاجل وضروري: 
  1. تشديد الرقابة على الوسطاء والناقلين ومنع نقل العاملات بما يخالف احكام القانون عدد 51 والشروط المنصوص عليها في الامر الترتيبي المتعلق بأساليب تطبيقه خاصة في مسألة الرخص والعدد المسموح به في القانون والبحث عن بدائل آمنة لوصول العاملات الى أماكن عملهن. 
  1. تنظيم مجلس وزاري خاص بقضية العمالة الفلاحية وتشريك كل الأطراف المعنية والاستئناس بالخبراء والباحثين من اجل بلورة استراتيجية عمل قريبة وبعيدة المدى للنهوض بواقع القطاع الفلاحي وتنظيم هيكلته وحماية اليد العاملة فيه الحماية الكاملة وضمان حقوقها الشغلية بما يحفظ كرامتها ويرد الاعتبار لها. 
  1. القطع مع الحلول الترقيعية والنصوص الفضفاضة التي ثبت فشلها في الحد من الانتهاكات المسلطة على العمالة النسوية في القطاع الفلاحي. وإيجاد حلول جذرية في إطار استراتيجية الدولة لمناهضة كل اشكال العنف الاقتصادي المسلط على النساء. 

 

ختاما يذكر المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بالتزامات الدولة التونسية تجاه مواطناتها ومواطنيها ومسؤولياتها في حماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للجميع ويدعوها الى الحد الأدنى من الانسجام بين الخطاب السياسي الدعائي والسياسات المعتمدة والخيارات المنتهجة حفظا لكرامة وحياة الناس وحماية حقوق الأجيال القادمة.  

  

المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية 

الرئيس عبد الرحمان الهذيلي