PERCEPTION DES INEGALITES ET MOBILITE SOCIALE EN TUNISIE

0
2376

المحور الثالث

مدركات عدم المساواة والحركيّة الاجتماعيّة في تونس

 

تعد مكافحة اللامساواة ومقاومة التهميش من أبرز المطالب التي جاءت بها ثورة 2011 في تونس وتصدّرت الجدل السياسي والاقتصادي والاجتماعي داخل الأوساط السياسيّة والإعلاميّة، على السواء لكن هذه المطالب تبددت مع تعفن الوضع السياسي الذي عاشته تونس طيلة 10 سنوات بسبب التناحر السياسي والتجاذبات والازمات المتتالية التي مرت بها البلاد

وبقيت النصوص الخاصّة بالتمييز الإيجابي، رغم تضمينها في الدستور، والمقترحات المتعلّقة بالمساواة بين الرجل والمرأة، ومشاريع إصلاح الجباية والصناديق الاجتماعيّة والإصلاحات الهيكليّة الأخرى خارج مجال التنفيذ وحبرا على ورق فيما تركّز الجدل الواسع حول عدم المساواة في التعليم والصحّة وظروف عيش

ولئن حققت تونس تقدما في مسألة حرّية التعبير و تحسن ادائها على مستوى المؤشّر العالمي للحوكمة (WGI : Worldwide governance indicator) المعتمد من طرف البنك العالمي بفضل القفزة التي تحقّقت في مستوى بُعد “الصوت و المساءلة”، فقد مرّ مجموع تونس بخصوص هذا المكوّن من 9 سنة 2010 إلى 43،66 سنة 2012 و 55،67 سنة 2015 قبل أن يسجّل تراجعا طفيفا إلى حدود 55،65 في 2019. وهو ما يحيل على الأصوات القويّة والعالية التي عبّرت بها منظّمات المجتمع المدني عن سخطها إزاء محاولات التضييق على حرّية التعبير والحرّيات العامّة خلال السنوات الأخيرة الا ان الشعور باللامساواة تفاقم لدى التونسيين

وفي هذا الصدد استندت الدراسة لتحليل ظاهرة اللامساواة إلى الدراسة التي نشرها م.فورسي (M. Forsé) و م.بارودي (M. Parodi) في مجلّة “المرصد الفرنسي للأوضاع الاقتصاديّة”  في جانفي 2007 التي خلصت الى انه كان  للحركيّة الاجتماعيّة النسبيّة تأثيرا على الإحساس بالعدل إزاء الذات، و هذا الشعور بالعدالة في حدودها الدُّنيا (“العدالة المصغّرة”) يعود إلى إحساس الفرد نسبيّا بالحرمان في تضامن مع فئته الاجتماعيّة و وضعها داخل المجتمع

المؤلفان اللذان اعتمدت عليهما الدراسة لتحليل هذه الظاهرة استنتجا أنّ “لدى المستجوبين ميل للتقليل من شأن عدم المساواة المشطّة في الدّخل ويصنّفون أنفسهم في مستوى المعدّل بينما هو في الواقع دون ذلك. ويبنون شعورهم بالعدل الأدنى على تقديرهم لعمق الفجوة بين اللامساواة التي يدركونها وتلك التي يعتبرونها مقبولة، و من هذا المنطلق يسود الإحساس بأنّ اللامساواة فائقة الحدّة.

في نفس الاطار نشرت “مؤسّسة دار علوم الإنسان” مقالا لـ أ.غالان و ا. لومال و أ.فرينو (O. Galland, Y. Lemel et A. Frénod ) حاول فيه المؤلّفون استعراض عدّة نظريّات تفسيريّة لمدركات عدم المساواة الاجتماعيّة.

هذه الدراسة ارتكز فيها المؤلفون على مسح بالاستجواب لدى عيّنة ممثّلة من الفرنسيّين وسلسلة من المحاورات النوعيّة، فميّزوا بين ثلاث سجلّات لإدراك عدم المساواة:

إدراك حجم عدم المساواة في المجتمع، الدرجة التي تحدّد عدم مشروعيّة اللامساواة، وأخيرا الحدّ الذي يشعر عنده الفرد بالضرر الشخصي من عدم المساواة.

وتمّ في هذا الإطار تصنيف اثنتي عشر نوعا من عدم المساواة في هذه الدراسة وهي: عدم المساواة في الدّخل، في الثروة، في الشغل، في التعليم، في الوصول إلى الرعاية الصحّية، في المخاطر التكنولوجيّة، في الأصل العرقي، في الجنس، في السنّ، في عدم الأمان، في السكن، في مشقّة العمل.

2-           مدركات عدم المساواة في تونس : دراسة سيغما – مؤسّسة كونراد أديناور

كانت الثورة في تونس احدى اهم الابواب التي سمحت للتونسيين بالتعبير عن آرائهم بحرّية وإعلان رفضهم للظلم وعدم المساواة.

دراسة المنتدى ارتكزت في هذا الإطار على سبرا للآراء أنجزته ونشرته سيغما كونساي ومؤسّسة كونراد أديناور سنة 2019.

نتائج سبر الآراء المذكو عكست إلى حدّ ما رؤية التونسيّين لعدم المساواة والحيف، علما ان السبر الذي أنجزته سيغما هو استطلاع للرأي حول عدم المساواة يعطي تقديرا ذاتيّا على أساس المقارنة الاجتماعيّة قد يعبّر من خلاله المعنيّون في صيغ غير متكاملة عن تقييمهم الذاتي لعدم المساواة الحقيقيّة. وقد تمّ الشروع في هذا الاستطلاع قبيل بداية جائحة كوفيد-19 بتونس.

وتتكوّن العيّنة التي انجزتها سيغما  كونساي من 52،2% من النساء و 47،8 % من الرجال، و يتوزّعون على الشرائح العمريّة كالتالي:

–              18-30 سنة: 30،7%

–              31-40 سنة: 26%

–              41-50 سنة: 18،7%

–              51-59 سنة: 12،3%

–              60 سنة فما فوق: 12,2%

أمّا التوزيع حسب الفئة الاجتماعيّة-المهنيّة فكان كالآتي:

–              35،7% من الطبقات الشعبيّة

–              28،6% من الطبقة الوسطى الدنيا

–              30،1% من الطبقة الوسطى العليا

–              5،7% من الطبقة الغنيّة

أمّا من حيث المستوى التعليمي للمستجوبين:

–              مستوى تعليم عالي: 26،7%

–              مستوى تعليم ثانوي: 43،4%

–              مستوى تعليم ابتدائي: 25،3%

–              أمّيون: 4،5%

–              رفضوا الإفصاح عن مستواهم: 0،1%

وتتكوّن العيّنة من 68،1% يعيشون في الوسط الحضري و 31،9% في الوسط الريفي، و يتوزّعون حسب المناطق الاقتصاديّة التالية:

–              تونس الكبرى: 23،8%

–              الوسط الشرقي: 14،4%

–              الشمال الشرقي: 14،2%

–              الوسط الغربي: 13،9%

–              الشمال الغربي: 10،9%

–              الجنوب الشرقي: 9،2%

–              صفاقس: 8،6%

–              الجنوب الغربي: 5%

هذه الدراسة بينت أنّ المعطيات المقارنة المعتمدة على مؤشّر جيني مع بلدان أخرى عرفت زيادة عدم المساواة في الدّخل (مثل الولايات المتّحدة أو فرنسا بين 2004-2005 و 2016-2017) أو استمرارها في نفس المستوى (مثل المغرب بين 2009 و 2013)

وتشير نفس البيانات إلى أنّ تونس عرفت تراجعا مستمرّا لعدم المساواة. غير أنّ إحساس التونسيّين و إدراكهم كان مغايرا تماما لما تقوله هذه المعطيات الإحصائيّة.

نتائج استطلاع الرأي حسب الدراسة اثبتت أنّ ما يقارب 60،3% من التونسيّين المستجوبين يعتقدون أنّ الفجوة بين الطبقات الاجتماعيّة ازدادت عمقا خلال السنوات الخمسة الأخيرة.

و على صعيد إدراك الوضع الاقتصادي الشخصي، كشفت الدراسة أنّ 66،2% يرون أنّهم في وضع سيّء أو سيّء جدّا

                                إدراك التونسيّين لوضعهم الاقتصادي

كشفت الدراسة ان  معدل من يعتبرون وضعهم سيّئا جدّا يُقدّر بـ38،6%، فإنّ هذه النسبة تقفز إلى 54،5% لدى الطبقات الشعبيّة و 51،8% لدى أصيلي الشمال الغربي، و هو ما يعكس بوضوح الإحساس بالظلم في أوساط السكّان المعدمين و المناطق المحرومة.

2.2- تطوّر عدم المساواة

في هذا الملف ووفق نفس الدراسة ففي الخمس سنوات الاخيرة صرح60،3% من المستجوبين أنّ الفجوة بين الطبقات الاجتماعيّة ازدادت عمقا. و تبلغ هذه النسبة 78،5% في صفوف ذوي المستوى الجامعي، ممّا يعكس درجة وعي النخبة بأهمّية مسألة اللامساواة و ضرورة التصدّي لها.

وهذه النسبة مفرقة بين الاقاليم كالتالي  69،6% بين أصيلي الوسط الشرقي. 19،7% فقط يعتقدون أنّ الهوّة بين الطبقات الاجتماعيّة قد تقلّصت، و 19،2% يعتبرون أنّها ظلّت على حالها.

اما عن اسباب اتساع هذه الهوة فكانت نتائج المستجوبين كالتالي :

–              54،8% من المستجوبين يرجعون ذلك تلقائيّا إلى ارتفاع التضخّم.

–              29،6% إلى البطالة و غياب فرص الشغل عموما.

–              19،1% إلى الفساد في أجهزة الدولة.

–              14% إلى عدم تكافؤ الفرص الاقتصاديّة.

3.2- مدركات الانتماء إلى طبقة اجتماعيّة:

وفق  هذه الدراسة فقد اظهر  المسح أنّ 67،5% منهم يعتبرون أنفسهم أبناء الطبقة الوسطى، و 33،5% يعتبرون أنفسهم من المنتمين إلى الطبقات المحرومة، و 0،8% فقط يصفون أنفسهم بالميسورين. غير أنّه تنبغي الإشارة إلى أنّ 86،2% من المنتمين فعلا للطبقة الميسورة يعدّون أنفسهم من أبناء الطبقة الوسطى.

وهنا استنتجت الدراسة التباين بين التقسيم الموضوعي إلى طبقات اجتماعيّة و بين إدراك السكّان المتطلّعين دوما إلى تحسين وضعهم الاقتصادي و مركزهم الاجتماعي.

 

4.2- تقييم الأوضاع الاجتماعيّة و الماليّة للبلاد:

بالنسبة  لهذا الموضوع  ذكرت الدراسة ان  88،2% يعتبرون أنّ للأزمة الاقتصاديّة التي عمّت أواخر 2019، قبل أزمة الكوفيد-19، تأثيرا على حياتهم المهنيّة و على حياة أقربائهم (51،4%: تأثير كبير؛ 31،3%: تأثير متوسّط).

و يعتبر 11،7% فقط أنّ الأزمة لم تؤثّر بتاتا على أوضاعهم. كما يبيّن التوزيع حسب المناطق أنّ 59،8% من سكّان الشمال الغربي و 57،3% من سكّان الوسط الغربي يرون أنّ الأزمة كانت شديدة الأثر على أوضاعهم. و نجد هذه النسبة في نفس مستوى الارتفاع لدى الجامعيّين الذين يعبّر 59،6% منهم على نفس الموقف.

الدراسة  خلصت هنا  الى  وجود مفارقة لها سببين : الأوّل هو درجة وعي النخب بخطورة الأزمات و انشغالهم بتداعياتها على المستقبل، و الثاني هو كثرة العاطلين في صفوف حاملي الشهائد الجامعيّة

وتطرقت الدراسة الى  الصعوبات الاقتصاديّة التي يعيشها التونسيّون  والتي برزت بوضوح من خلال إجاباتهم عند سؤالهم عن قدرة الدّخل على تغطية نفقات أسرهم، اذ صرّح 82% أنّهم يجدون صعوبة في إنهاء الشهر. في أوساط الطبقات الشعبيّة، 70،5% يغطّون نفقات الشهر بصعوبة فائقة. و تبلغ هذه النسبة 61،5% في الوسط الغربي و 63،2% لدى الشريحة العمريّة 36-40 سنة. 15،2% فقط أجابوا بأنّهم ينهون الشهر بسهولة.

اما عن  مجالات الانفاق فقد خلص سبر الاراء الى ان 76،3% من المستجوبين يضعون التغذية في صدارة مجالات الإنفاق، تليها نفقات الماء و الكهرباء و الغاز بـ54،5%، ثمّ الصحّة في المركز الثالث بـ37،7%. تحتلّ مصاريف التعليم الموقع الرابع بـ31،5%. و يعكس ارتفاع نصيب التغذية من الإنفاق ضعف مداخيل التونسيّين.

علاوة على  ذلك تظهر الصعوبات الاقتصاديّة للأسر التونسيّة من خلال التداين إذ صرّح 55،7% من المستجوبين بأنّهم مدينون، و يعتبر 37،5% ديونهم مرتفعة أو مرتفعة جدّا، و يراها 22،2% مقبولة. كما تجدر الإشارة إلى أنّ 69،5% غير قادرين على الادّخار.

5.2- تأثيرات عدم المساواة على مرافق الحياة:

 ركز التونسيون المستجوبون بهذا الخصوص على عدم المساواة الاجتماعية للوصول الى  مختلف مرافق الحياة الخاصة في مجالات التعليم والتشغيل والصحة

الاحصائيات ذكرت أنّ 63% من التونسيين يعتقدون أنّ فرص الوصول إلى التعليم غير متكافئة بين كافّة الطّبقات الاجتماعية، وتتصاعد هذه النسبة إلى حدود 69% فيما يتعلّق بالوصول إلى الصحة وترتفع أكثر من ذلك بخصوص التشغيل إذ تستقرّ في حدود 71،6%.

واستنتجت  هنا الدراسة اهمية الوعي لدى التونسيين  بعدم المساواة

الى ذلك تطرق المستجوبون الى إنّ التدهور المستمرّ لوضع التعليم والصحة العمومييْن  اذ تحدث اغلبهم عن الصعوبات التي تعترض ضعاف الحال في مجال الصحّة،

وكشفت الارقام ان 73،1% منهم  يعتبرون أنّ الحصول على دواء في المؤسسات العمومية أمرٌ صعبٌ، إن لم يكنْ صعبًا جدّا.

6.2 الوصول إلى العمل والشّمول المالي:

البطالة احدى المعظلات التي تواجه التونسيين بمحتلف انتهماءاتهم  فهي في نسب مرتفعة ومتواصلة  خاصة في صفوف الشبّان وحاملي الشهائد في المناطق المحرومة بالخصوص حيث يعتبر السكان أنهم يتعرّضون لعقاب مزدوج، يشكّلان السبب العميق لهذا الإحساس.

الدراسة  تحدثت على ان 88%يعتقدون أنّ الوصول إلى عمل في القطاع العامّ أمر صعب جدّا أو صعب. وتنخفض هذه النسبة انخفاضًا طفيفًا بخصوص الوصول إلى عمل في القطاع الخاصّ (80%) وهذا ما  يفسر  القطاع العامّ لازال يحتفظ بجاذبيته في المخيال التونسي في حين تتضاءل إمكانيّات العمل في هذا القطاع مع مرور الزمن لا سيّما خلال أزمة الماليّة العمومية التي نعيشها.

في حين  يرى حسب نفس الدراسة  9،6% فقط يروْن أنّ الوصول إلى عمل في القطاع العامّ أمر سهل أو سهل جدّا، مقابل 17،5% بالنسبة للعمل في القطاع الخاصّ.

 

فرص العمل في القطاع العامّ.

كشفت نتائج سبر الاراء  التي قامت  بها سيغما كونساي و مؤسسة كونراد أديناوران 66،8% من التونسيين يعتبرون أنّ الوصول إلى برامج دعم ريادة الأعمال هو الآخر أمر صعب وصعب جدّا.

نفس الاحصائيات  كشفت ايضا ان 58% من المستجوبين يرون  أنّ الوصول إلى الخدمات البنكية صعب (19،9%) أو صعب جدّا (38،2%)، وينسحب نفس الموقف بشأن الحصول على قروض من البنك التونسي للتضامن الذي يُفترض أنّ السلطات العمومية وجّهته نحو القروض الصغرى وباعثي المشاريع الصغرى.

في المقابل وحسب نفس المصدر يرى 50،2% أنّ الوصول الى الحصول على  قروض من  اندا او ميكرو كريد او غيرها ذلك أمر سهل أو سهل جدّا.

وهنا نستنتج  ان صعوبات الوصول إلى العمل وإلى القروض موانع تحدّ من إمكانية اندماج الشباب في سوق العمل المأجور أو المستقلّ

كل هذه الاحصائيات والارقام والاراء بينت ان مسألة التشغيل والوصول إلى سوق العمل هي أهمّ ما يشْغل التونسيين لأنّها في صلب مفهوم التنمية الشّاملة وهي ما يُحدّد الوصول إلى الصّحة والحماية الاجتماعية والحركيّة الاجتماعية.

ولذا يعتبر  العمل اللائق ذا الأجر العادل، مأجورًا كان أو مستقلًّا أو فلاحيًّا،  الأداة الرئيسية لمقاومة الفقر والإقصاء وبالتّالي لمكافحة اللامساواة المشطّة.

نسبة البطالة و نسبة الفقر حسب الولايات 2014

خلصت الدراسة الى ان الترابط بين نسب الفقر والبطالة اذ تتمركز نسب الفقر والبطالة في المناطق الداخلية للبلاد شمالا ووسطا وجنوبا ويبلغ عدد الولايات التي يتمركز فيها الفقر والبطالة بنسب مرتفعة 10 ولايات

وحسب نفس الدراسة تسجّل 9 ولايات نسبًا أدنى من متوسّط القيمة للمتغيّرين، و توجد أساسا في سواحل شرق البلاد.

أمّا الولايات التي لا تخضع للقاعدة فهي المهديّة و مدنين (نسب فقر عالية و نسب بطالة ضعيفة) و زغوان و منّوبة (نسب فقر ضعيفة رغم ارتفاع نسب البطالة).

الدراسة  كشفت ايضا انه  رغم  وجود شبه اجماع على قسوة الوضع  في  تونس وعدم  الشعور بالمساواة الا انهم يتشبّثون بقدر من التفاؤل حيث عبّر 60،3% منهم، في استطلاع الرأي ذاته، عن تفاؤلهم بمستقبل أبنائهم مقابل 35،5% من المتشائمين أو شديدي التشاؤم (25،4%)، و تبلغ نسبة هؤلاء 30،4% في الوسط الشرقي و 32،5% عند الشريحة العمريّة 56-59  سنة أي في المناطق التي كانت أوفر حظّا و لدى الأجيال التي عاشت أوضاعا اجتماعيّة-اقتصاديّة أفضل و خدمات عموميّة أعلى أداء و أكثر جودة.

 

الاستجواب شمل ايضا انتضارات التونسيين للنهوض بالاوضاع الاقتصادية خاصة  للطبقة الوسطى اذ كشفت الدراسة ان 50،3% من المستجوبين يعتبرون أنّ مكافحة البطالة تأتي في مقدّمة الأوليّات، يليها تحسين القدرة الشرائيّة و أسعار صرف العملة الوطنيّة بـ40،1%.

أمّا فيما يتعلّق بالحلول المقترحة لمكافحة عدم المساواة الاجتماعيّة، فإنّ:

  • 97،6% يعتقدون أنّ تنويعًا أوسع في فرص التكوين على مدى الحياة ضروري من أجل تقليص التفاوت بين الطبقات الاجتماعيّة.
  • 89،5% يعتقدون أنّه ينبغي إرساء قوانين جبائيّة أكثر إنصافا تجبر الأغنياء على دفع ضرائب متناسبة مع مداخيلهم.
  • 81،9% يوافقون على مراجعة نظام الدّعم حتى يستهدف الأشخاص المحرومين دون غيرهم.

 

3-           مؤشّر السعادة، كاشف للمدركات من منظور الوضع الاقتصادي و الاجتماعي و السياسي:

يعد المؤشر العالمي للسعادة الذي اطلقاع الامم المتحدة منذ 2012 احدى الادلة التي يمكن أن نقارب إدراك التونسيّين لعدم المساواة بطريقة غير مباشرة

 

الدراسة  تقول انه تمّ نشر آخر تقديرات هذا المؤشّر الخاصّة بسنة 2020 في تقرير السعادة العالمي بمناسبة اليوم العالمي للسعادة في 20 مارس 2021  وان نتائجه  تشير  إلى تصدّر البلدان الشماليّة ترتيب 2020 حيث تأتي فنلندا في الطليعة بمجموع 7،809 و تليها الدنمارك بـ7،646.

وحسب مؤشر السعادة تحتلّ تونس المركز 137 من 165 بلدا بمجموع 4،392 في تراجع مستمر على امتداد السنوات الخمسة الأخيرة (5،045 في 2016، و 4،805 في 2017، و 4،592 في 2018، و 4،461 في 2019).

هنا  نستنتج من خلال هذا الترتيب تدهور الأوضاع في تونس و إحساس التونسيّين بالحرمان و عدم الرضى خاصة ان تونس تحتلّ  المركز 15 ضمن 22 بلدا عربيّا، وهي مرتبة  متأخرة جدا على دول الخليج  ومتقاربة مع ليبيا و المغرب و الجزائر و العراق و لبنان و الصومال و الأردن و فلسطين.

و على صعيد ترتيب المدن الرئيسيّة من حيث الرّفاه الذاتي، تأتي تونس في المركز 166 بمجموع 4،456 و لا تتفوّق إلّا على الخرطوم و القاهرة و غزّة و صنعاء.

وتحيلنا  هذه المعطيات والارقام الى ان تونس مزالت في ظرف هش وشبابها  يعيش انواع كثيرة من الحرمان  وزاد الطين بلة  فايروس كورونا الذي اثر سلبا على الوضع الاقتصادي وبالتالي الوضع الاجتماعي علاوة على  تاثيراته الكبيرة على الوضع النفسي للتونسيين

 

                الحركات الاجتماعيّة، انعكاس للاستياء الشعبي و اللاعدالة الاجتماعيّة:

عاشت  تونس منذ الثورة على  وقع  الاف التحركات الاحتجاجية  والاجتماعية ودراسة المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية كشفت أنّ انفجار الاحتجاجات بلغ ذروته سنة 2017 حيث تمّ إحصاء 10452 تحرّكًا بزيادة تُقدّر بحوالي 20% مقارنة بسنة 2016. ثمّ شهدنا منحًى منخفضا منذ 2018.

 

وحسب نفس الدراسة تفاقمت وتواترت التحركات الاحتجاجية انطلاقًا من الثلاثية الرابعة لسنة 2020، بالأخصّ، مع الاحتجاجات التي عقبت قرارات تقييد العمل في بعض الأنشطة بسبب الموجة الثانية لجائحة كوفيد-19.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تطوّر الحركات الاجتماعية في تونس

 

كشفت دراسة المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ان خلال س عدد الحركات الاجتماعية كان في  سنة 2020 8759 تحرّكًا، منها 5727، أي 65،4%، ذات طابع فوضوي أو تلقائي

ومع كل شهر جانفي من كل سنة تشهد البلاد موجة كبيرة من الاحتجاجات ، وعرف شهر جانفي بشهر الاحتجاجات  اذ سجل المنتدى سنة في جانفي 2021 ، 1492 تحرّكا ممّا يدلّ على تفاقم المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي ألقت بثقلها على المناخ العامّ في البلاد.

اما عن  الجهات التي تشهد تحركات احتجاجية متواترة فبينت الدراسة انها الجهات الأكثر تضرّرًا من البطالة والفقر وبالتّالي من عدم المساواة الجغرافية والاجتماعية الأشدّ وقعًا،

وهنا نجد أنّ الولايات التي تتَركّز فيها 60% من التحرّكات هي قفصة والقيروان وسيدي بوزيد وتطاوين والقصرين.

وتعكس هذه التحركات السخط وعدم رضى اهالي هذه الجهات عن الوضع  بسبب احساسهم بالظلم والضيم والتفاوت وعدم تكريس مبدا عدم التمييز بين الجهات في عديد المجالات  كالتعليم والصحة والتشغيل وغيرها من المجالات

وقد خلصت الدراسة الى وجود اجماع  على الاحساس بالظلم والتمييز والحيف وسط غياب السلطات المعنية

 

التقرير العالمي حول الحركيّة الاجتماعيّة 2020:

خلفت التداعيات الاجتماعية والاقتصادية لعدم المساواة شعورًا متصاعدا بالحيف والهشاشة وإحساسًا بفقدان الهويّة والكرامة وضعفًا في النسيج الاجتماعي وتدنّيًا للثقة في المؤسسات وتراجعًا للعقد الاجتماعي.

نفس التقرير اشار إلى أنّ البلدان الشماليّة الخمسة (الدنمارك والنرويج  وفنلندا والسويد وإيسلندا) تتصدّر الترتيب العالمي لمؤشر الحركية الاجتماعية الشامل (الذي يضمّ 82 بلدًا) بمعدّلات تتراوح بين 85،2 و82،7.

اما بالنسبة لتونس فحسب نفس الدراسة  فتأتي، في الموقع 62 بمجموع قدره 51،7 تليها مصر في المركز 71 بمجموع 44،8 والمغرب في المركز 74 بـ43،7 وهي بلدان شمال إفريقيا ذات المعطيات المتوفّرة.

وحسب معطيات الدراسة  تحتلّ تونس المركز 41 بمجموع 77 نقطة فيما يخصّ الصّحة، والمركز 46 في مجال الوصول إلى التعليم بمجموع 61 نقطة. بينما يتراجع هذا المجموع إلى 42 نقطة من حيث المساواة في التعليم وجودته لتحتلّ تونس المركز 60 في هذا المجال. وبخصوص التدريب مدى الحياة، فإنّ الأداء أكثر سوءًا بمجموع 42 الذي يضع تونس في المركز 70. أمّا فيما يتعلّق بالوصول إلى التكنولوجيا فمجموعها 64 نقطة وتحتلّ المركز 59.

تعاني تونس ارتفاعا في نسب البطاللة  لذلك تسجل في مجال فرص العمل مجموعا ضعيف جدابـ37 نقطة فقط وترتيبًا متأخّرا في المركز 78 على 82 بلدًا.

وتؤكد  نفس الدراسة ان كما أنّ اداء تونس ضعيف أيضا من حيث الأجر اللائق بمجموع 42 نقطة يضعها في الموقع 54.

اما من حيث ظروف العمل، دائما  حسب  نفس الدراسة تحتلّ تونس الموقع 61 بـ52 نقطة، وتأتي في المرتبة 58 بمجموع 40 نقطة بخصوص الحماية الاجتماعيّة.

وعلى صعيد المؤسسات الشاملة تحصّلت على مجموع 51 نقطة وجاءت في المركز 57.

واوصت الدراسة بضرورة بذل مزيد من الجهد لتدارك التأخير على صعيد الحركية الاجتماعية وخصوصا في مجالات الجودة والإنصاف في التعليم، ودعم المكتسبات في الميدان الصّحي والنهوض بالأجور وظروف العمل وتدعيم نظام الحماية الاجتماعية والتنمية الشّاملة.

مؤشر رأس المال البشري والناتج الداخلي الخام.

كشفت الدراسة ان  تونس تأتي بعد الجزائر التي يُقدّر مؤشرها بـ0،53 بفضل عدد سنوات الدراسة أساسًا.  وتتقدم تتقدّم على المغرب ومصر وموريتانيا

وفسرت الدراسة هطا التقدم  النسبي لتونس على جيرانها إلى أدائها على صعيد جودة التعليم ومؤشرات الصحّة.