التحسيس بأهمية التقاضي البيئي: المظيلة نموذجا

0
6820

نظم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية فرع الحوض المنجمي في إطار عمل اللجنة الجهوية للدفاع عن حق جهة قفصة في بيئة سليمة ندوة بعنوان “التحسيس بأهمية التقاضي البيئي: المظيلة نموذجا”، يوم 19 جويلية 2020 بنزل جوغرطة بقفصة

 و شهدت الندوة مشاركة 24 طرفا من منظمات وجمعيات ناشطة في المجال البيئي بالجهة، كما مثلت مساحة للنقاش في إطار من التفاعل بين المحامين الحقوقيين ونشطاء المجتمع المدني ورؤساء بعض البلديات بخصوص القضايا البيئية المتداولة في جهة قفصة عامة مع دراسة حالة المخالفة القانونية للمجمع الكيميائي بالمظيلة، عبر انتصابه اللاقانوني وعدم احترامه للمعايير البيئية والصحية المتفق عليها وطنيا وعالميا. و ذلك من أجل تعميق تبادل الخبرات وتدعيم التعاون بين المهتمين بالتقاضي البيئي، سعيًا نحو تطوير التقاضي في هذا المجال ودعم دوره كوسيلة فعّالة وإستراتيجية جديدة لحماية البيئة وتحقيق العدالة والإنصاف لضحايا الانتهاكات
وتم الوقوف أثناء النقاش على أهم الحجج القانونية والاستراتيجيات المبتكرة والمستخدمة في مجال الدفاع عن الحقوق البيئية عالميا ومدى انطباقها على تونس، مع التركيز على نقاط معينة مثل تعريف الحق في البيئة ودور القضاء في ألا يهمّش هذا الحق، ومسؤولية الشركات الصناعية عن الأضرار التي تسببها وإمكانية التقاضي العابر للحدود عبر اللجوء إلى القضاء الدولي
وانطلقت الندوة بكلمة افتتاحية لرئيس فرع المنتدى التونسي بالرديف “طارق حلايمي” للترحيب بالمشاركين، تلتها مداخلة للمستشار البلدي بمعتمدية المظيلة “أنيس عمايدية” للحديث عن تجربة المجلس البلدي في التقاضي البيئي مشيرا إلى التحضيرات للدعوة القضائية المزمع رفعها ضد المجمع الكيميائي
ثم إنتقلت الكلمة للمحامي “مكرم بوزياني” الذي تحدث عن الترسانة القانونية الحامية للحقوق البيئية في بتونس والأرضية التشريعية لهذه القوانين ابتداء من الفصل 45 من الدستور التونسي الذي أقر على ضمان الدولة لمواطنيها الحق في بيئة سليمة ومتوازنة مرورا إلى القوانين الخاصة ثم المجلات القانونية، وتطرق في ذات السياق إلى الإطار المؤسساتي لهذا الحق عبر الإشارة  إلى  المؤسسات المحمولة عليها مسؤولية حماية البيئة كالوكالة الوطنية لحماية المحيط والبنك الوطني للجينات والمجلس الوطني للمحافظة على المياه والتربة ومركز تونس الدولي لتكنولوجيا البيئة والوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة والوكالة الوطنية للتصرف في النفايات. كما أشار أيضا إلى أهم المبادئ العامة المستخدمة لحماية البيئة مصنفا إياها إلى آليات مدنية عبر إتباع مبدأ الوقاية والإحتياط ومسؤولية الملوث ومبدأ النفاذ إلى المعلومة، ثم الآليات القضائية المنقسمة بدورها بين القضاء العدلي والقضاء الإداري
و إستأنف الحوار عبر مداخلة العضو في اللجنة الجهوية للدفاع عن حق جهة قفصة في بيئة سليمة “منصف علوي” الذي تطرق إلى تجربة التقاضي البيئي بمدينة “القطار” عبر الاعتداء على الملك الغابي من طرف المجمع الكيميائي و سعي المجتمع المدني بالقطار إلى مقاضاته من أجل إفتكاك الحقوق البيئية لسكان المنطقة
و إفتتح على اثر ذلك مجال النقاش للمشاركين الذين تمحورت تساؤلاتهم ومقترحاتهم بخصوص آفاق تجربة التقاضي في المجال البيئي في تكريس هذا الحق وأهمية الخروج من مربع التحركات المعزولة نحو تأطير أساليب الإحتجاج عبر الإلتجاء للقضاء، و كذلك إنتظارات سكان الجهات المنتهكة لإحداث التوازن بين تحقيق السلم الإجتماعي والإقتصادي وتحسين الوضع البيئي الذي أصبح ضرورة لا بد منها، مع التركيز على جانب الشفافية و النزاهة في عمل القضاء أثناء التعاطي مع هذا النوع من القضايا سيما في ما تكتسبه من تحوّل نوعي يبرز فيه الخصومين مؤسستين تتبعان مؤسسات الدولة
و اختتمت الندوة بتأكيد جميع الأطراف الحاضرة مساندتها المطلقة لتجربة التقاضي البيئي التي يخوضها المجلس البلدي بالمظيلة مع مزيد الحرص على دعم التحركات الهادفة إلى حماية الحق في بيئة سليمة و ترسيخ مفاهيم جديدة لهذا الحق تتماشى مع مبدأ الحق في الحياة