من الشارع الى البحر: السياسات الجديدة للاقتصاد الموازي في تونس

0
2896

من الشارع الى البحر: السياسات الجديدة للاقتصاد الموازي في تونس

من اعداد: سفيان جاب الله

الملخص باللغة العربية اعداد اسماء بوحجر

يتناول الباحث «سفيان جاب الله”   من خلال هذه الورقة السياسية بالدراسة والتحليل التوجهات السياسية الجديدة المتبعة من قبل الدولة التونسية منذ 25 جويلية 2021، تجاه الهجرة غير النظامية والاقتصاد غر المنظم، في محاولة منها للقضاء عليهما بدلا من تنظيمهما أو إدراجهما في الاقتصاد الرسمي منتقدا في ذلك المقاربة الأمنية البحتة في التعامل مع هاتين الظاهرتين ومسلطا الضوء على الآثار الاقتصادية والاجتماعية لهذه السياسات خاصة على الفئات الهشة.

تميزت فترة ما قبل 25 جويلية 2021 بتغيرات نوعية في السياسات المعتمدة من قبل الدولة التونسية تجاه ظاهرة الهجرة غير النظامية، حيث ثم في 16جويلية 2024 توقيع مذكرة التفاهم كجزء من «الشراكة الإستراتيجية” مع الإتحاد الأوروبي بهدف مكافحة تدفقات الهجرة غير النظامية مقابل تقديم دعم اقتصادي إلى تونس. لتتبني على إثرها الدولة التونسية مقاربة أمنية في التعامل مع الظاهرة رغم محاولات المجتمع المدني بعد الثورة في الدفع نحو تبني سياسات مواتية للهجرة وحق التنقل.

لم تكن هذه المقاربة الأمنية  معتمدة فقط فيما يتعلق بظاهرة الهجرة غير النظامية بل كانت حاضرة كذلك وبقوة  في تعاطي الدولة مع ظاهرة لاقتصاد غير الرسمي أو ما يطلق عليه الباحث “اقتصاد الشوارع”، فقد مثلت فترة ما بعد 25 جويلية2021 نقلة نوعية في آليات تعامل الدولة مع  الاقتصاد  غير المنظم  وذلك منذ تاريخ 8 من سبتمبر  لتشهد عدة  ساحات وشوارع في العاصمة مثل ساحة برشلونة، منجي بالي شارع إسبانيا… إلخ حملات أمنية مكثفة بهدف القضاء على هذه الأسواق  معتبرة أنها شكلا من أشكال الفوضى و مصدرا للمنافسة الغير عادلة دون تقديم أي بدائل مستدامة ومتجاهلة بذلك الآثار الاجتماعية والاقتصادية لهذه التدابير.   هذا التطور أثار تساؤلات الباحث حول الدوافع التي دفعت الدولة نحو اعتماد مثل هذه السياسات دون التنبؤ بحلول بديلة أو السعي نحو وضع ميكانيزمات إدماج “للاقتصاد غير المنظم ” صلب الاقتصاد الرسمي على الرغم من أن عواقب هذا التحول تبدوا مثيرة للقلق خاصة على الفئات الهشة.

وفي ذات الإطار يسلط “سفيان جاب الله” الضوء على المنهج الأمني المتبع من قبل السلطات التونسية في التعامل مع ظاهرة الهجرة غير النظامية خاصة المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء والمارين عبر تونس، والذين يتم اعتبارهم تهديدا للنظام العام والامن الوطني  خاصة في ظل سياق سياسي عالمي متسم بتصاعد العنصرية وكراهية الأجانب  لتتفاقم هذه النظرة بسبب الخطاب السياسي  المستثمر في الخوف من الهجرة والمهاجرين والذي يربط غالباً الهجرة غير النظامية بمخاطر التطرف والجريمة، من خلال إقامة علاقة مباشرة بينهما دون الاستناد على دراسات علمية تؤكد الفكرة ، بل على العكس فإن الدراسات تناقضها.

ينتقد الباحث بشدة المقاربة الأمنية المتبعة من قبل الدولة التونسية في التعامل مع ظاهرة الهجرة غير النظامية والاقتصاد غير المنظم أو اقتصاد الشوارع من خلال تسليط الضوء على العلاقة المعقدة بين الظاهرتين والتحديات والفرص المرتبطة بهما مشيراً إلى الآثار الاجتماعية لمثل هذه الإجراءات على الفئات الأكثر هشاشة ومعتبرا أن القضاء على الاقتصاد غير المنظم دون تقديم بدائل اقتصادية حقيقية يمثل عاملا من عوامل  تعميق الهشاشة الاقتصادية للأفراد، وقد يزيد من الهجرة غير النظامية كإستراتيجية للبقاء في مواجهة بيئة محلية تزداد عداءً.

كما يدعوا “جاب الله” من خلال هذه الورقة السياسية إلى إعادة التفكير في تنظيم اقتصاد الشوارع في تونس وذلك عن طريق دمج البائعين في البيئة الحضرية من خلال تخصيص أماكن ثابتة ودقيقة لعدد محدود من التجار إضافة إلى اختيار المستفيدين الذين سيتمتعون بهذا الإدماج والذين يعتمدون   بشكل رئيسي على هذا النشاط لكسب قوتهم اليومية إضافة إلى فرض رقابة لتنظيم هذا الاقتصاد وضمان الحفاظ على النظام العام.

هذا ويعتبر الباحث أن مثل هذه الإجراءات قادرة على تحسين الاستقرار الاقتصادي والتماسك الاجتماعي، مع التقليل من دوافع للهجرة غير النظامية ويقترح في ذات الإطار إعادة التفاوض على قيود التأشيرات مع الاتحاد الأوروبي وحق اللجوء الاقتصادي للضعفاء الغير ممتلكين للرساميل والغير قادرين على العمل في بلدانهم بحق اللجوء الاقتصادي.

وبناء على ما تقدم فإن الباحث ومن خلال هذه الورقة السياسية يدعوا إلى تغير جذري في السياسات المعتدة من قبل الدولة التونسية بعد 25 جويلية 2021 فيما يتعلق بظاهرة الهجرة غير النظامية والاقتصاد غير المنظم، داعيا بذلك لتبني مقاربة أكثر شمولية وتعاطفا، تعترف بالمساهمات الاقتصادية والاجتماعية للاقتصاد غير المنظم وكذلك بالواقع المعقد للهجرة غير النظامية.

الكلمات المفاتيح:

تونس، 25 يوليو 2021، السياسات العامة، الهجرة غير النظامية، الاقتصاد غير المنظم، اقتصاد الشوارع.

Télécharger (PDF, 1.65MB)

من الشارع الى البحر: السياسات الجديدة للاقتصاد الموازي في تونس

من اعداد: سفيان جاب الله

الملخص باللغة العربية اعداد اسماء بوحجر

يتناول الباحث «سفيان جاب الله”   من خلال هذه الورقة السياسية بالدراسة والتحليل التوجهات السياسية الجديدة المتبعة من قبل الدولة التونسية منذ 25 جويلية 2021، تجاه الهجرة غير النظامية والاقتصاد غر المنظم، في محاولة منها للقضاء عليهما بدلا من تنظيمهما أو إدراجهما في الاقتصاد الرسمي منتقدا في ذلك المقاربة الأمنية البحتة في التعامل مع هاتين الظاهرتين ومسلطا الضوء على الآثار الاقتصادية والاجتماعية لهذه السياسات خاصة على الفئات الهشة.

تميزت فترة ما قبل 25 جويلية 2021 بتغيرات نوعية في السياسات المعتمدة من قبل الدولة التونسية تجاه ظاهرة الهجرة غير النظامية، حيث ثم في 16جويلية 2024 توقيع مذكرة التفاهم كجزء من «الشراكة الإستراتيجية” مع الإتحاد الأوروبي بهدف مكافحة تدفقات الهجرة غير النظامية مقابل تقديم دعم اقتصادي إلى تونس. لتتبني على إثرها الدولة التونسية مقاربة أمنية في التعامل مع الظاهرة رغم محاولات المجتمع المدني بعد الثورة في الدفع نحو تبني سياسات مواتية للهجرة وحق التنقل.

لم تكن هذه المقاربة الأمنية  معتمدة فقط فيما يتعلق بظاهرة الهجرة غير النظامية بل كانت حاضرة كذلك وبقوة  في تعاطي الدولة مع ظاهرة لاقتصاد غير الرسمي أو ما يطلق عليه الباحث “اقتصاد الشوارع”، فقد مثلت فترة ما بعد 25 جويلية2021 نقلة نوعية في آليات تعامل الدولة مع  الاقتصاد  غير المنظم  وذلك منذ تاريخ 8 من سبتمبر  لتشهد عدة  ساحات وشوارع في العاصمة مثل ساحة برشلونة، منجي بالي شارع إسبانيا… إلخ حملات أمنية مكثفة بهدف القضاء على هذه الأسواق  معتبرة أنها شكلا من أشكال الفوضى و مصدرا للمنافسة الغير عادلة دون تقديم أي بدائل مستدامة ومتجاهلة بذلك الآثار الاجتماعية والاقتصادية لهذه التدابير.   هذا التطور أثار تساؤلات الباحث حول الدوافع التي دفعت الدولة نحو اعتماد مثل هذه السياسات دون التنبؤ بحلول بديلة أو السعي نحو وضع ميكانيزمات إدماج “للاقتصاد غير المنظم ” صلب الاقتصاد الرسمي على الرغم من أن عواقب هذا التحول تبدوا مثيرة للقلق خاصة على الفئات الهشة.

وفي ذات الإطار يسلط “سفيان جاب الله” الضوء على المنهج الأمني المتبع من قبل السلطات التونسية في التعامل مع ظاهرة الهجرة غير النظامية خاصة المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء والمارين عبر تونس، والذين يتم اعتبارهم تهديدا للنظام العام والامن الوطني  خاصة في ظل سياق سياسي عالمي متسم بتصاعد العنصرية وكراهية الأجانب  لتتفاقم هذه النظرة بسبب الخطاب السياسي  المستثمر في الخوف من الهجرة والمهاجرين والذي يربط غالباً الهجرة غير النظامية بمخاطر التطرف والجريمة، من خلال إقامة علاقة مباشرة بينهما دون الاستناد على دراسات علمية تؤكد الفكرة ، بل على العكس فإن الدراسات تناقضها.

ينتقد الباحث بشدة المقاربة الأمنية المتبعة من قبل الدولة التونسية في التعامل مع ظاهرة الهجرة غير النظامية والاقتصاد غير المنظم أو اقتصاد الشوارع من خلال تسليط الضوء على العلاقة المعقدة بين الظاهرتين والتحديات والفرص المرتبطة بهما مشيراً إلى الآثار الاجتماعية لمثل هذه الإجراءات على الفئات الأكثر هشاشة ومعتبرا أن القضاء على الاقتصاد غير المنظم دون تقديم بدائل اقتصادية حقيقية يمثل عاملا من عوامل  تعميق الهشاشة الاقتصادية للأفراد، وقد يزيد من الهجرة غير النظامية كإستراتيجية للبقاء في مواجهة بيئة محلية تزداد عداءً.

كما يدعوا “جاب الله” من خلال هذه الورقة السياسية إلى إعادة التفكير في تنظيم اقتصاد الشوارع في تونس وذلك عن طريق دمج البائعين في البيئة الحضرية من خلال تخصيص أماكن ثابتة ودقيقة لعدد محدود من التجار إضافة إلى اختيار المستفيدين الذين سيتمتعون بهذا الإدماج والذين يعتمدون   بشكل رئيسي على هذا النشاط لكسب قوتهم اليومية إضافة إلى فرض رقابة لتنظيم هذا الاقتصاد وضمان الحفاظ على النظام العام.

هذا ويعتبر الباحث أن مثل هذه الإجراءات قادرة على تحسين الاستقرار الاقتصادي والتماسك الاجتماعي، مع التقليل من دوافع للهجرة غير النظامية ويقترح في ذات الإطار إعادة التفاوض على قيود التأشيرات مع الاتحاد الأوروبي وحق اللجوء الاقتصادي للضعفاء الغير ممتلكين للرساميل والغير قادرين على العمل في بلدانهم بحق اللجوء الاقتصادي.

وبناء على ما تقدم فإن الباحث ومن خلال هذه الورقة السياسية يدعوا إلى تغير جذري في السياسات المعتدة من قبل الدولة التونسية بعد 25 جويلية 2021 فيما يتعلق بظاهرة الهجرة غير النظامية والاقتصاد غير المنظم، داعيا بذلك لتبني مقاربة أكثر شمولية وتعاطفا، تعترف بالمساهمات الاقتصادية والاجتماعية للاقتصاد غير المنظم وكذلك بالواقع المعقد للهجرة غير النظامية.

الكلمات المفاتيح:

تونس، 25 يوليو 2021، السياسات العامة، الهجرة غير النظامية، الاقتصاد غير المنظم، اقتصاد الشوارع.

Télécharger (PDF, 1.65MB)