نداء الى الأحزاب السياسية والمترشحين للانتخابات التشريعية لإعلان موقفهم من سياسات الهجرة

0
5750

نداء الى الأحزاب السياسية والمترشحين للانتخابات التشريعية لإعلان موقفهم من سياسات الهجرة

عدم توازن الشراكة مع الاتحاد الأوروبي حول حرية التنقل ومختلف الاتفاقيات الثنائية الاخرى

 

عملت اتفاقية الشراكة من أجل حرية التنقل التي وقعتها تونس مع الاتحاد الأوروبي سنة 2014 على قلب نظام الأولويات على حساب المعايير الدولية الضامنة لحرية تنقل الأفراد. الاتفاقية تعمق عدم التكافؤ في التمكن من الحقوق وعدم المساواة في حرية التنقل كما أنها لا تستجيب للتطلعات الشرعية لشعوب الضفة الجنوبية للمتوسط في عدالة المعاملة بين متساكني الضفتين. وتؤكد هذه الاتفاقية استراتيجية المعايير المزدوجة للحقوق ولقاء مسؤولية دول الاتحاد الأوروبي تجاه المهاجرين غير النظاميين على عاتق الدول المغاربية. أما تسهيل اجراءات الحصول على تأشيرة بصيغتها الانتقائية والتي يقترحها الاتحاد الأوروبي كمقابل لتوقيع “اتفاقيات اعادة القبول” فهي لا تقدم أي مكاسب مقارنة بالوضع الراهن بل تعمق أزمة هجرة الأدمغة بعد أن استثمرت الدولة في تكوين هؤلاء الاطارات والكفاءات العلمية كما تهمش فئات عديدة من الشباب الباحث عن فرص وافق للتبادل.

وترمي “اتفاقيات اعادة القبول” الى الزام تونس لا فقط بقبول مواطنيها، بل بقبول جميع المهاجرين غير النظاميين الذين انطلقوا في رحلتهم الهجرية من شواطئها بمختلف جنسياتهم، وذلك بإتباع اجراءات وشروط من شأنها أن تمس بسيادة الدولة وبحقوق المهاجرين خاصة وأن تونس لم تصادق بعد على معاهدة حماية حقوق العمال المهاجرين ولا يتوفر لديها قانون لجوء. التفاوض حول اتفاقيات اعادة القبول وتسهيل اجراءات الحصول على تأشيرة في اطار اتفاقية الشراكة يتبعان مقاربة شرطية مرتبطة باتفاقية الشراكة الاقتصادية الهادفة لدعم التنمية، اي بتطبيق نفس الآليات للتوصل الى هدف وحيد الاتجاه: تشديد المراقبة وغلق حدود الاتحاد الاوروبي باعتماد مقاربة أمنية.

من الضروري ان تعيد الجمهورية التونسية التفكير في الشروط والأهداف الضمنية لاتفاقية الشراكة وغيرها من الاتفاقيات الثنائية التي تتفاوض حولها خصوصا مع ايطاليا لبلورة سياسات هجرة أكثر عدالة وتوازن من حيث حرية التنقل وللتعامل مع الهجرة ليس كجرم بل كحق أساسي متأصل ضمن الفضاء المتوسطي المشترك من أجل تطوره وحماية وضعه الأمني.

تجاهل متواصل لمسألة المفقودين والغرقى في البحر المتوسط

رغم بعث لجنة تحقيق حول مسألة التونسيين المفقودين في البحر منذ عشرات السنوات، لم يتم اتخاذ أي اجراءات منهجية وفعلية تمكن عائلات المفقودين من التحصل على معلومات موثوقة حول مصير أبنائهم. لازالت عديد العائلات التونسية في انتظار معلومات مؤكدة حول مصير أبنائها في حين تستمر رحلات الهجرة غير النظامية نحو ايطاليا، الايقافات وفواجع الغرق والفقدان والتي تؤثر خاصة على الشباب التونسي، وهي الفئة الأكثر تضررا من البطالة وغياب رؤى الادماج الاجتماعي والاقتصادي.

في نهاية الأسبوع المتزامنة مع الدور الأول من الانتخابات الرئاسية تم احباط عشر محاولات هجرة غير نظامية في المياه الدولية التونسية كما تم تسجيل عدد من الغرقى أدى الى وفاة 6أشخاص وفقدان 8 آخرين.

الى جانب ذلك، تعاني تونس وخاصة مدن الجنوب، عبء المخلفات المباشرة لاستمرار وتفاقم الحرب في ليبيا والتي تُترجم بتدفق المهاجرين عبر الحدود البحرية. عدد جثث المهاجرين القادمين من ليبيا والتي تدفعها المياه الى الشواطئ التونسية في ارتفاع مستمر، خاصة في سواحل جرجيس. ظاهرة تعكس التكلفة البشرية للسياسات الأمنية الأوروبية.  وفي غياب اطار قانوني وآليات لاستقبال المهاجرين في تونس، يتولى بعض المتطوعين أو عمال البلديات دفن جثث المهاجرين في ظل غياب الامكانيات المادية والخبرات التي تمكن من تحديد هوية الجثث. وتفرض هذه الوضعية وضع خطة عاجلة للاستقبال والتعامل مع وفود الأعداد الكبيرة من المهاجرين القادمين من ليبيا خاصة اذا ما زادت حدة الحرب في ليبيا.

تونس مازالت في انتظار فتح حوار بناء ووضع نص تشريعي حول الهجرة

يفضي غياب اطار قانوني للهجرة في تونس الى تواصل انتهاك حقوق المهاجرين، طالبي اللجوء واللاجئين على التراب التونسي وخاصة الفئات الأكثر هشاشة منهم.

تعاني تونس حاليا من نقص كبير في عدد مراكز الاستقبال ودور الايواء في مختلف مناطقها. ومع اكتظاظ هذه المراكز التي تديرها المنظمة العالمية للهجرة والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وشركائهم وتدهور الظروف المعيشية فيها يجب على الحكومة التونسية أن تقترح حلولا عاجلة ودائمة تتطابق مع التزاماتها القانونية والدستورية.

اضافة الى ذلك، رغم سن القانون المتعلق بمنع ومكافحة الاتجار بالأشخاص في أوت 2016 ونشر القانون المجرم للتمييز العنصري في اكتوبر 2018 لا زال استغلال وتعنيف والاتجار بالأشخاص متواصلا. بهدف التأكد من تطبيق هاته القوانين، لعله من الضروري مراجعة الاطار القانوني في علاقة بالهجرة بشكل يجعله متماهيا مع جوهر الدستور الذي يحمي حقوق وحريات الأفراد كما يجعله متطابقا مع الالتزامات الدولية لتونس.

غياب سياسة هجرة واضحة تعتمدها الحكومة تؤدي الى استمرار انتهاك حقوق الانسان وخاصة حقوق المهاجرين. ولعل أوضح مثال عن ذلك يظهر في الوضعية الصعبة التي يعيشها لاجئو مخيم الشوشة سابقا والذي تخلت عنهم جميع المؤسسات العمومية،والإنسانية وهيئات الأمم المتحدة.

في ظل السياق الهجري الحالي والتدفق المستمر للمهاجرين سواء بريا أو بحريا، أصبح من الضروري والطارئ اعتماد سياسة متكاملة للهجرة تحمي حقوق المهاجرين من مختلف أنواع الاعتداءات.

توصيات المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية فيما يتعلق باستقبال المهاجرين في تونس:

  • المصادقة على معاهدة منظمة العمل الدولية رقم 189 حول العمال والعاملات المنزليات (2011) وتفعيلها وكذلك المعاهدات 97 و143 لنفس المنظمة حول العمال المهاجرين والمعاهدة الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد عائلاتهم (1990).

  • احترام مبدأ عدم الاعادة القسرية

  • الايقاف الكلي لجميع الاتفاقيات الثنائية الموقعة مع السلطات الايطالية في ما يخص الترحيل الجماعي والذي يستمر منذ سنوات دزن أدنى احترام للمعاهدات الدولية (معاهدة الأمم المتحدة لسنة 1951 وبروتوكولها التعديلي لسنة 1967 والمتعلق بصفة اللجوء والفصل 33 الذي يشدد على ضرورة احترام شروط محددة لاتمام عمليات الترحيل)

  • وضع اطار قانوني للهجرة وخاصة فيما يتعلق باستقبال المهاجرين

  • مراجعة وإضفاء المرونة على قانون فيفري 2004 (المعدل والتكميلي لقانون عدد 75 – 40 ل14 ماي 1975) والمتعلق بجوازات ووثائق السفر بهدف الغاء تجريم عملية الهجرة.

  • مراجعة وإضفاء المرونة على قانون مارس 1968 المتعلق بشروط اقامة الأجانب في تونس بهدف تسهيل الحصول على رخص اقامة لفئات معينة من المهاجرين، كالطلبة خاصة، دون دفع جزاءات.

  • اعادة عمل لجنة التحقيق في قضايا المفقودين في الهجرة غير النظامية بما يضمن تقديم اجابات لانتظارات عائلاتهم

  • تأسيس اطار دائم وتلقائي للاعلام عن المفقودين في حوادث الهجرة غير النظامية و للتعرف على جثث المهاجرين الطافية على السواحل التونسية.

  • توفير الموارد للسلطات المحلية والمنظمات الانسانية خاصة في مناطق الجنوب لاستقبال المهاجرين وإدارة الأزمات على أحسن وجه.

  • تعبئة الموارد الضرورية لتفعيل الالتزامات القانونية للدولة في ما يتعلق بحماية والتكفل بضحايا الاتجار بالأشخاص.

 

المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية

الرئيس عبدالرحمان الهذيلي