الجلسة التحضيرية لمؤتمر الحقوق الحريات ومن أجل جمهورية ديمقراطية عادلة
الكلمة الافتتاحية لرئيس المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية السيد عبد الرحمان الهذيلي |
السادة والسيدات الحضور.
مناضلات ومناضلي الحرية والعدالة من كلّ المواقع تحية حارة
نجحنا بتنظيمنا هذه الجلسة التحضيرية في الرّد عمليا على الهجمة التي تعرضت لها مبادراتنا منذ الساعات الأولى لإعلانها. وتحوّلت هذه الهجمة بعد أيام لاستهداف الرابطة ورئيسها الذي نجدّد له وللرابطة التعبير عن تضامننا الكامل. فنحن لا نقرأ هذه الهجمة إلا كعلامة على توتّر منظومة الحكم وتخوّفها من تشكّل مبادرات وطنية جديّة تتصدى للاستبداد.
لقد كانت الأيام الأخيرة منذ خروج مبادرتنا الى العلن صعبة وغنيّة بالدّروس المكثّفة لأنها مكّنتنا من فرز صريح بين ما نمثّله، نحن اليوم هنا في هذه القاعة وغيرنا كثيرون، كتيار ديمقراطي حقوقي لم يستسلم ولن يستسلم للتهديدات والضغوطات في الدفاع عن الحق والحرية والعدالة. وما صار يمثّله في المقابل من يستهدفنا من حزام حزبي وإعلامي داعم للاستبداد وصامت عن انتهاكات حقوق الإنسان ومؤيّد للتفرّد بالحكم. بل متشفّي بلا حرج أحيانا في ضحايا القمع مستمتعا بآلامهم. تكمن أهمية الفرز إذن في رسم خطّ الفصل بيننا نحن المؤمنين بالحرية والحقوق والجمهورية الديمقراطية وهم المدافعون عن الاستبداد والمبرّرون لعسفه وتسلّطه وفشله.
جاءت دعوتنا لمؤتمر وطني كما ورد في ندائنا الأوّل بعد أن طفح الكيل وبعد المحاكمة المهزلة التي تُعرف بقضية التآمر وطبيعة الأحكام الجائرة التي نتجت عنها ومن ثمة ما خلّفه اعتقال المحامي والقاضي المناضل أحمد صواب من رجّة أسقطت كلّ الأقنعة عن وجه النظام التسلّطي فكانت نقطة تحوّل مفصليّة.
غير أنّ هذه الدعوة في عمقها وإن جاءت اليوم هي لتتويج لدور وطني لم نتخلّى عنه في المنتدى والرابطة قبيل 25 جويلية وما بعده. فقد نبّهنا في محطات عدة من خطورة مسار الانحراف بالسلطة نحو حكم فردي مطلق وهو ما تجسّم بوضوح بعد المرسوم 117 ثم دستور 2022 والاستفتاء الذي أقرّه وقاطعته أغلبية الناخبين ثم الانتخابات البرلمانية التي رفضتها أغلب القوى السياسية وافتقدت إلى مقومات النزاهة والتعددية وصراع البرامج وساهمنا من منطلق المسؤولية التاريخية ومن مواقع متقدمة وفاعلة في مبادرة الحوار التي دعا اليها الإتحاد العام التونسي للشغل ولم ترى النور.
لقد ساهم تراجع المجتمع المدني وضعفه وتشتّته وغياب رؤية جامعة وخريطة طريق واضحة في مزيد تغوّل السلطة الحاكمة وتشديد القبضة الـأمنية – القضائية على المجتمع. ولن يتغيّر الوضع مع استمرار المعادلة الحالية.
كانت الانتخابات الرئاسية لسنة 2024 سقطة سياسية أرجعتنا الى زمن بائد جاءت الثورة لتقطع معه. إذ افتقدت أبسط شروط الانتخابات النزيهة والشفافة ثم تحوّلت إلى بيعة للرئيس الحالي بنسبة 90 بالمائة بعد رفضه خوض منافسة فعلية مع مرشحين أرادوا مواجهته. حيث رفضت هيئة الانتخابات المعيّنة تنفيذ قرار المحكمة الإدارية بإرجاع ثلاث مرشحين للسباق. فضلا عن تولي القضاء مهمة إخراج المرشح العياشي زمال من المنافسة بإيداعه السجن وحرمانه من حملته الانتخابية. وهو يقبع إلى اليوم وراء القضبان ظلما .هذا بالإضافة لتغيير القانون الانتخابي من قبل برلمان الولاء و تحويل النظر في النزاعات الانتخابية إلى محكمة الاستئناف عوض المحكمة الإدارية أيام قليلة قبل يوم التصويت وهي سابقة خطيرة تبيّن درجة الاستهتار بالمؤسسات والقانون.
ما نستنتجه اليوم هو تجمّع كلّ مؤشرات الانحراف السلطوي لنظام الحكم فقد تحوّل القضاء نهائيا على مرّ السنوات اللاحقة ل 25 جويلية إلى أداة لضرب كلّ الأصوات المعارضة والحرة من سياسيين ونشطاء مجتمع مدني وصحفيين ونقابيين خصوصا بعد ما صدر من قرار بالعزل في صفوف القضاة والضغط عبر التعيينات وعدم إرساء مجلس أعلى للقضاء منتخب ومحكمة دستورية. وهو ما خلق مناخا خانقا للحريات وحالة من الخوف والحذر عمت المجتمع المدني الواسع والنخب وعامة المواطنين والمواطنات وأفقدت مؤسسات الدولة التشريعية استقلاليتها وخسرت حتى الهياكل الحكومية هيبتها.
وقلت الأصوات الحرة والجريئة داخل قبة البرلمان وحتى في الحقل الإعلامي الذي خسرناه كحقل حرّ بعد 2011. والذي صار ملاحقا ومحاصرا سواء بمفعول المرسوم 54 أو تحت ضغوط التعليمات والرقابة. ففقد تدريجيا دوره في نقل صورة صادقة عن الواقع وفي تنظيم تداول الأفكار والبدائل الحرّة والمختلفة. وهيمن عليه التجييش والشيطنة والسطحية. فتحوّلت بعض المنابر الإعلامية إلى أداة لنشر خطاب التخوين والعنف والكراهية بين التونسيين.
تتوسع اليوم القناعة لدى فئات عديدة بأن منظومة الحكم الحالية المغلقة والرافضة للحوار وللإقرار بالأزمة لا تستطيع أن تقدم خارطة طريق للمصالحة ولا للخروج من الأزمة الخانقة التي تردت فيها البلاد والتي قد تتعمق بسرعة في ضل وضع إقليمي ودولي متوتر ليست بلادنا بصدد الاستعداد لتداعياته.
ونحن وإن لم نعد نعلّق آمالا على إصلاح سياسي من الدّاخل فإننا على يقين بأن العمل على تغيير موازين القوى لفائدة إرادة التغيير الديمقراطي بالوسائل المدنية والسلمية هو سبيلنا الأوحد وهو الطريق الذي لا بدّ أن نمضي فيها بلا تردّد.
الأصدقاء والصديقات
يمعن أنصار الحكم الحالي للرئيس قيس سعيّد في الدعاية له على أساس ما له من شرعية الإنقاذ والتحرير الوطني وصون السيادة الوطنية إلا أننا ندرك استنادا إلى الوقائع دون مواربة اليوم أن هذه الشعارات خاوية وأن سلطة 25 جويلية جرّفت الحياة السياسية ورفضت الانتخابات الديمقراطية النزيهة والتداول السلمي على السلطة وأساءت لصورة تونس في الخارج وتتجه نحو تقويض أسس الدولة كضامن للاستقرار وإلى نسف مكاسب المجتمع المدني والسياسي التي لا تعود فقط إلى مرحلة ما بعد 2011 بل إلى عقود طويلة. فالنضال الحقوقي والديمقراطي والاجتماعي والنقابي والطلابي والنسوي في تونس أصيل وجذوره راسخة لم ينحني في الماضي ولا ينحني في الحاضر ولن ينحني في المستقبل. ومن يقرأ تاريخ تونس السياسي يدرك أنه حتى السجون وغرف التعذيب عزّزت على مرّ الأجيال القناعة الراسخة بأن الحقوق تفتك ولا تُهدى ونحن اليوم عازمون على افتكاك حقوقنا كاملة كلّفنا ذلك ما كلّفنا.
لا نريد أن نذكّر بمن نحن وما ذا كنا وبماذا عاهدنا أنفسنا وضمائرنا وشعبنا وأصدقاءنا المعتقلين والمنفيين اليوم ومن غيبتهم الموت بل نكتفي بالقول بأننا
كلنا أحمد صواب
وكلنا شريفة الرياحي
وكلنا سنيا الدهماني
وكلنا عصام الشابي..
وكلنا رشاد طنبورة
وغيرهم من المسجونين ظلما.. في الحقيقة كلنا سجناء سواء داخل سجون النظام أو في السجن الكبير الذي صارت عليه البلاد وقررنا كسر القيود. ولن نتراجع على الخط النضالي الذي حفرناه في أرض وطننا وذاكرة شعبنا بأنفسنا.
نُدرك تمامًا أنّ تونس تمرّ بأزمة شاملة وغير مسبوقة تهدّد بانهيار كامل لمسار النضال من أجل الديمقراطية وتُعطّل اقتصادًا مأزومًا في أمسّ الحاجة إلى سياسات جديدة تحقّق العدالة الاجتماعية. فالسلطة الحالية تجابه الأزمة الهيكلية والمركبة للاقتصاد بحلول مجتزئة ذات طابع دعائي لا تطرح تغييرا جذريا للسياسات الاقتصادية العمومية بل تتسم بالخضوع غير المعلن لإملاءات المؤسسات النيوليبرالية العالمية.
فبالإضافة لانتهاكات الحقوق والحريات العامة والمدنية نملك اليوم مؤشرات واضحة على حدة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تنذر بالخطر :
فبالنسبة لانتشار العمل الهش: تشير المعطيات أن عدد المشتغلين وصل الى 3.511.600 مشتغل منهم 1.630.000 يشتغلون بالقطاع غير المنظم وهو ما يمثل 46.4%. هذا بالإضافة لاستمرار العمل بآليات التشغيل الهش والدعاية لحلول جزئية وعدم احترام وتطبيق الوعود التي تعهدت بها الحكومات المتتالية وقمع الحركات المطالبة بتحقيقها. واستمرار سياسات اللامبالاة بمعاناة ومطالب فئات واسعة من العاملين بهذه القطاعات كالعاملات بالقطاع الفلاحي وعمال الحضائر والأساتذة النواب والمعطلين عن العمل وحاملي شهادة الدكتورا وغيرهم. وفي هذا الإطار نعبر عن تضامننا لما يخوضه ممثلين عن أعوان وإطارات المركز الدولي للأشخاص ذوي الاعاقة من تحركات نضالية واضراب جوع لافتكاك حقوقهم المسلوبة. ان التسويات الجزئية لبعض الوضعيات وإلغاء مناولة اليد العاملة لا يمكن ان تحقق شروط العمل اللائق والاجر اللائق اذا لم تكن في اطار تصوّر تنموي متكامل.
أما بالنسبة للتضخم وتدهور القدرة الشرائية: وإن بلغت نسبة التضخّم عموما 5.7% في حدود شهر فيفري 2025 فإنها تبلغ إلى حدود 7% بالنسبة للمواد الغذائية. وهو ما يُقوّض الحق في حياة كريمة، إذ يؤثّر بشكل مباشر على قدرة المواطنين على تأمين غذائهم والولوج إلى الخدمات الأساسية، كما يُساهم في تفاقم معدّلات الفقر. ويأتي هذا كلّه في سياقٍ تُسجّل فيه البلاد اضطرابات متكرّرة في واردات المواد الأساسية والمنتجات الغذائية، ما يزيد من حدة المعاناة الاجتماعية ويُعمّق التفاوت واللامساواة.
فيما يخصّ انتشار الفقر والخصاصة: باعتراف وزير الشؤون الاجتماعية الأسبق هناك حوالي 4 ملايين تونسي أي ما يمثل أكثر من 33% من السكان يعانون الخصاصة بسبب غياب مورد الرزق أو فقدان العمل لظروف اقتصادية. ورغم وجود برنامج الأمان الاجتماعي وتوفير العلاج المجاني والتعريفة المنخفضة إلا أن هذه الفئات ما تزال مهمشة وتواجه غلاء الأسعار وشح المواد الغذائية الأساسية وتدهور القطاع الصحي العمومي وقطاع النقل… وتبقى هذه الفئات في حاجة أكيدة لبرامج إدماج اجتماعي واقتصادي يوفر لهم العمل والدخل اللائق.
أما بالنسبة للخدمات الاجتماعية فنلاحظ تخلّي الدولة عن تحمّل دورها الاجتماعي:
- فإن التدهور الذي يشهده التعليم العمومي يقع بالتوازي مع توسع وازدهار التعليم الخاص وانتشار الدروس الخصوصية وارتفاع تكاليفها. هذه بالاضافة لانهيار البنية التحتية وما كانت الكارثة الأليمة التي حلّت بالمزونة إلا إشارة على وقع هذا التدهور وتخلي الدولة عن مسؤولياتها.
- تدهور الصحة العمومية وافتقارها المتنامي للأجهزة الصحية وللأسرة الكافية وللموارد البشرية في عديد الاختصاصات وللأدوية الضرورية مما يدفع بالمرضى الى اللجوء الى القطاع الخاص الذي يفرض أسعار خدمات طبية باهظة الثمن ولا يقدر على تحملها الا الميسورين من الأغنياء والشرائح العليا من الطبقة الوسطى.
- انهيار القطاع النقل العمومي: هذا القطاع يعاني من إهمال مزمن أدى إلى تقلص وسائل النقل وعدم الاستثمار في هذا القطاع عبر تجديد الأسطول وتحسين الخدمة. وهو ما نتج عنه على سبيل المثال انخفاض عدد الحافلات في تونس الكبرى في ظرف عشرة سنوات من 1157 الى 350 خلال السنة الجارية بالإضافة الى النقص الحاصل في عربات المترو نتيجة عدم تجديد العربات منذ ما يزيد عن 15 سنة واستحالة إمكانية صيانتها.
هذا بالاضافة لتجريم الحراك الاجتماعي بكافة عناوينه وما يقدمه من مطالب لطلما تمّ تهميشها. فقد شهد هذا الأخير تطورا نوعيا و بلغ ما يقارب 2000 تحرك احتجاجي إلى حدود نهاية ماي 2025. وقامت الدولة بمواجهته بالقمع والتجريم. وما بدر من أحكام مجحفة في حق الشباب المحتجّ على الوضع البيئي بقابس إلا إشارة واضحة على ما تنتهجه السلطة من سياسة تهميش وإنكار.
أما على مستوى ملفّ الهجرة:
اعطى خطاب فيفري 2023 إشارة انطلاق لانتهاكات عديدة طالت اللاجئين وطالبي اللجوء والعمال المهاجرين وأفراد أسرهم والطلبة من جنوب الصحراء وحتى السّود من التونسيين والتونسيات. ساد مناخ من الرعب في أوساط المهاجرين واضطرت دول جنوب الصحراء للقيام بعمليات إجلاء لرعاياها في حين علق البقية في تونس بين خطر العودة الى بلد المنشأ وخطر البقاء في تونس في مناخ من التهييج والتجييش ضدهم. انتقل بذلك خطاب الكراهية والعنصرية من خطاب لمجموعات على الفضاء الافتراضي إلى سياسة دولة.
لقد حوّلت السلطات التونسية البلاد الى سجن مفتوح للمهاجرين واختارت في مرحلة أولى طردهم إلى غابات الزياتين محرومين من أي نوع من الخدمات الأساسية. ثم في مرحلة ثانية تدمير خيامهم البدائية وتشتيتهم في الخلاء ومطاردتهم تحت الأشجار وبين الوديان وطردهم الى الحدود والصحاري ولم تسلم النساء والأطفال من ذلك.
نؤكد أننا متشبثون بقناعاتنا قولا وفعلا للتصدي للسياسات غير الإنسانية الأوروبية في مجال الهجرة من تصدير للحدود وحراسة بالوكالة وأمننة للهجرة ونرفض الانتهاكات التي تطال حقوق وكرامة المهاجرين التونسيين من عنصرية وكراهية وترحيل قسري ونرفض نفس الانتهاكات التي تطال المهاجرين في تونس.
كما نرفض سياسات تجريم التضامن ووصم المجتمع المدني ونؤكد تضامننا مع كل الموقوفين والموقوفات من نشطاء المجتمع المدني نتضامن مع شريفة الرياحي وسعدية مصباح وسلوى غريسة ومحمد جوعو وعياض بوسالمي ومصطفى الجمالي وعبد الرزاق الكريمي وعبد الله السعيد
الكرامة للمهاجرين والمهاجرات
الحرية للموقوفين والموقوفات
ما نريده اليوم من هذا المؤتمر ومن هذه الجلسة الافتتاحية هو ليس فقط إطلاق صرخة غضب بل طرح أفق ضروري للاتفاق الوطني والديمقراطي يعيد الأمل من أجل إنقاذ الدولة واستئناف مسارات التحول الديمقراطي ويضمن تحقق المواطنة والحقوق.
نعلم أن ما راكمه المجتمع المدني في تونس تاريخيّا خاصة بانفتاح الفضاء العام في السنوات العشر الأخيرة، من خبرة في النضال والمناصرة والتعبئة واقتراح البدائل مهدد ولكنه لا يزال يقاوم ونعلم أيضا أن جزءا واسعا من التونسيين والتونسيات بعد مرور أكثر من عقد على سقوط الاستبداد، ونقر أيضا بأنّ النخب السياسة التي حكمت و سيطرت على الفضاء السياسي قد فوّتت العديد من الفرص التّاريخيّة للقطع مع الماضي وإرساء تغيير جذري للنّظم السّياسية والاقتصاديّة والاجتماعيّة بسبب الحسابات الضيّقة للقوى السياسية المختلفة، كما تبين للتونسيين والتونسيات أن هدف الاغتيالات و مخططات الجماعات الإرهابية كان في وقت ما نسف أسس الدولة الوطنية ومقومات العيش المشترك وتعطيل تقدم المجتمع. كلّ هذه المرحلة السابقة لن نستطيع نسيانها ولا طمسها بتوافقات مغشوشة حتى نستطيع التقدم خطوات حاسمة الي الأمام ولا بد من العودة اليها للمساءلة والتقييم والنقد الذي يعنينا كلنا دون استثناء حتى نستأنف طريق الديمقراطية ونؤمنه من انتكاسات قادمة.
غير أن هذا المطلب المشروع وهذه الخطوة الضرورية لا نضعها عقبة اليوم أمام المهام العاجلة التي نطرحها دفاعا عن الحريات والحقوق ومن أجل جمهورية ديمقراطية عادلة.
فالحقوق التي نؤمن بها هي كلّ الحقوق لكل الناس دون تمييز على أساس الانتماء والفكر والجنس واللون والموقع الاجتماعي والدولة التي ننشد تأسيسها وهي ليست دولة القوة التي تصادر المجتمع بل دولة الحق التي تقوم على عدالة القانون وعلويّته ومساواة الجميع أمامه وعلى شرعية المؤسسات وعلى احترام الحقوق الفردية والحريات العامة التي لابدّ أن يكفلها إلا دستور ديمقراطي. يعيد الفصل بين السلطات ويقطع مع مركزة السلطة في يد رجل واحد.
والجمهورية العادلة هي الجمهورية التي لا تظلم أحدا ولا تنكر حقوق الأقليات والقادرة على بناء عقد اجتماعي جديد يعيد الكرامة للجميع ويقلص من التفاوتات.
على هذا الأساس ننظم هذه الجلسة التحضيرية ونستعد بعدها لتنظيم جلسة عامة ثانية من أجل بلوغ أهداف واضحة :
أولا توفير شروط نجاح كافية لبناء فضاء مقاومة جديد للقوى والديناميات الرافضة للاستبداد والساعية الي التغيير بهدف استعادة المسار الديمقراطي
ثانيا إطلاق حركية ميدانية وحوارية بين الرافضين للحكم الفردي والراغبين في تجاوزه وهو ما يعني تقاطع الجهود وتقابل القراءات والمساهمات بحثا عن القاسم الديمقراطي المشترك دون تفريط في التنوع والاختلاف.
ثالثا وضع خريطة طريق سياسية متفق عليها تحدد المهام العاجلة والمتوسطة وبناء الإطار الكفيل بمتابعة تنفيذها وتدقيقها وتطويرها.
رابعا ربط نضالات فعاليات المجتمع المدني والسياسي بالحركات الاحتجاجية والاجتماعية حتى تكون الديمقراطية أفق الجميع وحتى لا يستمرّ الاستبداد في الاستثمار في بؤس الناس.
ما نحتاجه لبلوغ هذه الأهداف هو أن نناقش اليوم بكل حرية وصراحة وجرأة وان نتفق ونلتزم معا فلا خيار لنا إلا أن نتّحد في وجه خصم واحد هو منظومة الحكم الحالية.