التحركات الاجتماعية بالحوض المنجمي وإشكاليات التنمية الجهوية

تونس في 12 مارس 2018

التحركات الاجتماعية بالحوض المنجمي وإشكاليات التنمية الجهوية

تشهد منطقة الحوض المنجمي منذ حوالي الشهرين تحركات احتجاجية اندلعت اثر التصريح بنتائج آخر مناظرة انتداب قامت بها شركة فسفاط قفصة (CPG). وهذه التحركات ليست الأولى من نوعها، حيث يحتج الشباب العاطل عن العمل اثر التصريح بنتائج كل المناظرات التي نظمتها الشركة،منذ سنة 2008 .

ونعيد الاشارة في كل مرة أن السبب الرئيسي لمثل هذه التحركات يكمن في ضعف النسيج الاقتصادي بولاية قفصة وفي رداءة منظومة الحوكمة السائدة على كل المستويات:

  • شركات عمومية -وعلى رأسها شركة فسفاط قفصة-  تتميز بعدم الشفافية في مستوى تسييرها وتوظيف مواردها وبعلاقتها المتوترة مع محيطها الاجتماعي والبيئي،

  • مؤسسات السلطة السياسية المحلية والجهوية (ولاية، مجلس جهوي، معتمدية، بلدية…) تتميز بالإقصاء وعدم تشريك المواطنين وسوء توظيف الموارد المتاحة والمحاباة والتعامل بمنطق الولاءات الخ…

  • مؤسسات ادارية تابعة لمختلف الوزارات تشكوا قلة الكفاءة وضعف المبادرة وعدم القدرة على متابعة وتأطير الأنشطة الاقتصادية وانعدام التنسيق بينها الخ…

  • غياب تام لخطة تنموية شاملة، متكاملة ومستديمة قادرة على تجاوز الأوضاع وبعث الأمل والثقة لدى المواطنين،

  • وضع اجتماعي يتسم بتغذية وتوظيف الصراع القبلي والعشائري من طرف السّلطات السياسية في غياب مؤسسات ديمقراطية تشاركية وشفافة.

أمام هذا الوضع كان المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية يؤكد على ضرورة اعتماد خطة تنموية شاملة (لكل معتمديات ولاية قفصة ولكل القطاعات الاقتصادية والفئات الاجتماعية) ، خطة تسمح بخلق نسيج اقتصادي مندمج وديناميكي قائم على منظومة حوكمة رشيدة على كل المستويات ابتداء من شركة فسفاط قفصة ، خطة قادرة على التوفيق بين الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والبيئي وضامنة لاستمرار وتوسع وتنوع الأنشطة حتى يكون بإمكانها امتصاص البطالة وتوفير ظروف حياة سليمة.

إلا أنه في كل مرة تواجه السلطات القائمة (قبل وبعد 14 جانفي 2011) التحركات الاحتجاجية بطرق ارتجالية وباعتماد نظرة قصيرة قائمة على ايجاد حلول جزئية، تلفيقية ووقتية، لا يقع في أغلب الأحيان تطبيقها، وبالتالي سرعان ما تقود الى اعادة توتر الأوضاع الاجتماعية وتعميق فقدان الثقة وانطلاق تحركات احتجاجية جديدة.

و يقتصر هذا التمشي المغلوط بالأساس على مجرد خلق مواطن رزق أكثر منها من بعث مواطن شغل من شأنها أن توفر العمل المنتج للثروة في اطار خطة تنموية قادرة على خلق حركية تراكمية توسعية وامتصاص الأعداد المتصاعدة للعاطلين عن العمل.

و تسبب هذا التمشي  في خسائر باهظة للمجموعة الوطنية تمثلت في نقص للإنتاج بلغ 34 مليون طن وحرمان تونس من موارد مالية بلغت 10 مليار دينار خلال السبع سنوات الأخيرة.

 كما تسبب في اثقال كاهل شركة فسفاط قفصة بانتدابات عشوائية ووهمية في عديد الحالات وغير منتجة في كل الحالات وارتفاع الأعباء المالية للشركة في غياب الانتاج.

ونتج عن  هذه الأوضاع تدهور خطير للأوضاع المالية والتجارية للشركة CPG في وقت أصبحت الشركة في أشد الحاجة  لتجديد العديد من معداتها القديمة ولنقل مغاسل الفسفاط خارج المدن المنجمية، ولتطوير أساليب غسل الفسفاط عبر اللجوء الى جلب مياه البحر والتخلي عن استعمال المياه الباطنية لفائدة أنشطة أخرى الخ… كما قاد هذا التمشي المغلوط رغم تكاليفه الباهظة الى استمرار توتر الأوضاع الاجتماعية وانعدام الثقة بين الاهالي والسلط الجهوية والمركزية وكل دواليب الدولة.

وأمام تعقد اشكاليات التنمية الجهوية عموما والأوضاع السائدة بالحوض المنجمي بالخصوص، يؤكد المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية على ما يلي:

  • ضرورة التخلي عن التمشي المغلوط في التنمية والتشغيل  المشار اليه سالفا

  • ضرورة التخلي عن الاسلوب  الأمني والقضائي  ومعالجة المشاكل التنموية الجهوية بجدية من خلال حوار يمكن من ضبط خطة تنموية تفتح آفاق واعدة وتبعث الطمأنينة والثقة في المستقبل.

    وفي هذا المجال يندد المنتدى بتواصل حملة استدعاء المعتصمين من طرف السلط الأمنية والقضائية رغم فك الحصار على انتاج الفسفاط ويطالب بإطلاق سراح الموقوفين والتخلي عن التتبعات وخلق ظروف ملائمة لبدء حوار مسؤول وجدي مع مكونات المجتمع المدني،

  • ضرورة التخلي عن اللجوء الى عرقلة الانتاج والنشاط الاقتصادي واعتماد طرق نضالية لا تضر بالمؤسسات وبدورها الاقتصادي وبمصداقيتها لدى المتعاملين معها، لأن الضرر بالمؤسسات يجعل هذه الأخيرة أولا غير قادرة على التفاعل الايجابي مع محيطها  وثانيا يوفر ظروفا سانحة لمزيد شيطنة النضال الاجتماعي من طرف القوى  التي لا تؤمن بضرورة تحقيق العدالة الاجتماعية كرافد أساسي للانتقال الديمقراطي،

  • يستغرب المنتدى عدم  حرص السلط على اصلاح السكة الحديدية الناقلة لمنتوج الفسفاط من مناجم الرديف وأم العرايس الى مراكز تحويل الفسفاط،وهذا التلكؤ من شأنه أن يخدم مصالح ناقلي الفسفاط الخواص عن طريق البر وبأسعار عالية تفوق بكثير تكاليف نقلها عن طريق الشركة الوطنية للسكك الحديدية،

     فمثل هذه السياسات المضرة بالمؤسسات العمومية تعد فرصة لبعض القوى  للمطالبة بخوصصة هذه المؤسسات، وذلك باسم “الحرص على الجدوى” و”حسن استغلال” الموارد الوطنية النادرة،

  • يندد المنتدى بردة فعل السلطات التي جاءت على اثر الاعتصامات والتي تمثلت في تعطيل انجاز الوعود التي تشمل النهوض بالبنية التحتية ومنظومة الصحة والتعليم. وهذا النوع من ردود الافعال  لا يمثل عقابا للمعتصمين فقط بل يرتقي الى مرتبة العقاب الجماعي الذي من شأنه أن يزيد من احتقان الأوضاع وتعميق  القطيعة بين الدولة والمواطنين،

  • يطالب المنتدى بتفادي اعتماد الحلول الجزئية التي تخص خلق مواطن شغل بدون انتاج والتي تركز على أهم مناطق انتاج الفسفاط (المتلوي والمظيلة) على حساب المناطق المنجمية الأخرى (الرديف وأم العرايس) والمناطق غير المنجمية التابعة لولاية قفصة،

  • ينبه الى خطورة تقصير أو اختفاء أجهزة الدولة (الأمن، المعتمد الخ…) كلما توترت الأوضاع الاجتماعية، حيث أن مثل هذا التقصير من شأنه أن يفتح المجال الى اعادة هيمنة المنطق القبلي والعشائري على حساب المنطق المؤسساتي،

  • يؤكد على ضرورة القيام بتدقيق خارجي Audit Externe لشركة فسفاط قفصة كخطوة ضرورية لإقامة مصالحة بين هذه الشركة ومحيطها الاجتماعي من جهة وبلورة مسؤولياتها الاجتماعية والبيئية في المستقبل من جهة أخرى،

وفي هذا السياق نطالب بتعميق الحوار حول “مشروع القانون المتعلق بالمسؤولية الاجتماعية و البيئية” نظرا للنواقص والاخلالات التي تميز مشروع القانون المقدم حاليا، وذلك حتى يساهم في تنمية عادلة ، متوازنة وتضامنية للمناطق المتاخمة ويصالح بين المؤسسة  ومحيطها.

عن الهيئة المديرة للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية

الرئيس مسعود الرمضاني

حين تكون الشركات الاجنبية خطرا على سلامة البيئة

حين تكون الشركات الاجنبية خطرا على سلامة البيئة

أنشئ  معمل لإنتاج زيت تفل الزيتون (المرجين) بمدينة كركر من ولاية المهدية سنة 2012. وشهدت المدينة عديد الاحتجاجات منذ بداية نشاط هذا المعمل التابع لشركة ايطالية سنة 2014 ، اذ  سرعان ما لاحظ الأهالي انعكاسات استعماله لمادة الهيكسين السامة على محيط المنطقة وعلى صحة متساكنييها.

وتصاعدت وتيرة الاحتجاجات بعد أن أكدت الوكالة الوطنية لحماية المحيط عدم احترام المعمل للمعايير البيئية وعدم اعتماده لنظام تطهير أو عزل للنفايات. ونجح الأهالي أخيرا سنة 2016 في ايقاف نشاطه بعد اتباع عديد الاجراءات وجمع التواقيع اللازمة للعريضة المنادية بغلق هذه المؤسسة التي أثرت سلبا على  محاصيل الزيتون ولوثت مياه المنطقة.

اليوم وللآسف يعيش متساكنو مدينة كركر في حالة من القلق، بعد أن مكّنت وزارة الصناعة الشركة من رخصة تسمح لها باستئناف نشاطها بشكل مؤقت رغم عدم التزام هذه الأخيرة باتخاذ أي معايير تضمن حماية البيئة أو سلامة متساكني المنطقة.

مع التذكير أن المؤسسات الأجنبية العاملة بنظام خارجي تتمتع بامتيازات جبائية سخية  ببلادنا، وتنجح في الافلات من العقاب رغم اخلالها بالمعايير البيئية وعدم احترامها للقوانين التي تحمي صحة المواطنين.

ولعل أكثر ما يدعو الى القلق، هو امكانية تزايد مثل هذه المشاكل البيئية في حال وقّعت الحكومة التونسية على اتفاقية التبادل الحر الشامل والمعمق مع الاتحاد الاوروبي والتي هي حاليا في طور المفاوضات. هذه الاتفاقية التي ستمنح المؤسسات الأجنبية هامشا أكبر من الحرية للاستثمار بتونس، قد تفسح ، في نفس الان ، المجال لتكرار مثل هذه الممارسات على حساب صحة التونسيين ومحاصيلهم الزراعية ومحيط بلادهم.

لذا يدعو المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية الى احترام المعايير البيئية عند بعث أي مشروع ، وضرورة التزام الشركات الوطنية والأجنبية والخواص بهذه المعايير و الحرص على صحة  المواطن وسلامة محيطه والمحافظة على الموارد الطبيعية ، التزاما بدستور البلاد الداعي الى ضرورة الحفاظ على سلامة البيئة “بما يضمن استدامة مواردنا”  .

المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية

التحقيق الصحفي متوفر باللغة الفرنسية

التقرير السنوي حول الهجرة غير النظامية 2017

التقرير السنوي حول الهجرة غير النظامية 2017   الملخص بااللغة العربية

Télécharger (PDF, 692KB)

  التقرير باللغة الفرنسية

Télécharger (PDF, 2.45MB)

التقرير السنوي للاحتجاجات الاجتماعية 2016 – 2017

يتناول تقريرنا جردا لمختلف الاحتجاجات الاجتماعية الجماعية خلال سنتي 2016 و2017 في مختلف الجهات والقطاعات

بعد تقريرنا السنوي لسنة 2015 ارتأينا تناول الاحتجاجات على امتداد سنتين وذلك للمقارنة والبحث في سيرورة الاحتجاجات وميكانيزماتها الداخلية واليات تطورها وتفاعلها مع محيطها

سلكنا نفس المنهجية المتبعة في مختلف عمليات الرصد على المستويين القطاعي والجهوي ووفق نفس اليات القياس في تحديد طبيعة الاحتجاجات العفوية والتلقائية والعشوائية

سعينا الى التأكد من نفس التوجه حول الفاعلين الاجتماعيين وفضاءات الاحتجاجات والاليات المعتمدة والقدرة على تحقيق الهدف من الاحتجاج

رسمنا ديناميكية الاحتجاجات من خلال تطورها في الزمان والمكان

بحثنا في المخزون الاحتجاجي وتراوحه بين الماكرو اجتماعي والميكرو اجتماعي

Télécharger (PDF, 6.32MB)

تقرير شهر فيفري 2018 حول الاحتجاجات الاجتماعية

بدايات شهر فيفري كانت امتدادا لنهاية شهر جانفي من حيث تراجع المنسوب الاحتجاجي، مسائل تناولنا أسبابها وخلفياتها في الشهر الماضي، وفي الوقت الذي كانت الأمور تسير وفق ما يمكن اعتباره متناغما مع انتظارات السلطة تبرز إشكالية جديدة تبعثر المشهد وتعيد توزيع الأوراق، الجهات الأوروبية وتحديدا الهيئات المالية تتهم تونس صراحة بكونها جنة لتبييض الأموال، الأمر لم يقف عند هذا الحد، التقارير تبرز وتؤكد بكون تونس دولة ممولة للإرهاب.

في الوقت الذي نواجه فيه عديد الإشكالات الاقتصادية والمالية، شرائح اجتماعية تتظاهر ضد غلاء الأسعار والتضخم المالي وانحدار العملة التونسية إلى مستويات  متدنية للغاية، في الوقت الذي تتم تهنئتنا بالإنجازات التي تتولاها الأجهزة الأمنية لمقاومة الإرهاب بالرغم من بعض الهنات المحدودة في بعض المرتفعات وفي الوقت الذي يشهد فيه القطاع السياحي بدايات التعافي وفي الوقت الذي يفتح فيه الباب للمستثمرين الأجانب وفي الوقت… والأمثلة عديدة، في هذا الوقت نعلم بكوننا نرعى الإرهاب ونحن نقاومه وبكوننا فضاء لتبييض الأموال ونحن نقاوم ونواجه التجارة الحدودية والتجارة الموازية ومختلف مسالك التهريب، المشهد ضبابي للغاية… لقد رصدنا تعددا وتنوعا وألوانا مختلفة من التعاليق حول هذه المسألة، موضوع يتطلب المتابعة والعناية والمعالجة.

مباشرة بعد ما تم الإعلان عنه من قبل الهيئات الدولية حول تبييض الأموال تتم إقالة محافظ البنك المركزي، أيام قليلة بعد يتم إيقاف بعض كبار المسؤولين بالبنك المركزي

ووفق نفس التمشي التقليدي تكتفي السلط المسؤولة بالإعلان عن مقدمات الملفات، وتقف في هذا المستوى، ما عدى ذلك ليس من مشمولات الرأي العام والإفصاح عن حقيقة الأشياء  يمكن أن يهدد الأمن القومي، أسلوب توارثته القيادات السياسية والأمنية منذ الفترة البورقيبية وأكدته مع الحقبة النوفمبرية، والقائمون على مثل هذه الملفات يتسمون بالمحافظة، نفس التمشي، لكن يبدو أن الأسباب تغيرت بشكل راديكالي، تونس دولة راعية للإرهاب، المعطى غير جديد ، منذ سنوات نعلم جيدا عن تسفير الجهاديين لبؤر التوتر والمسالك القانونية التي يتم فيها ذلك، حدثونا عن جهاد النكاح وشاهدنا أن الفاعلين في عديد الهجمات الإرهابيّة في عديد الأقطار الأوروبية هم تونسيون، الإعلان الآن أن تونس ترعى وتصدر الإرهاب ليس مفاجئا، كان يمكن لهذا السؤال أن تتوفر له العديد من الأجوبة لو قدمت هيئة تقصي الحقائق حول التسفير إلى بؤر التوتر تقريرها، ملف آخر يعلم الجميع البعض من مكوناته، لكن الجهات المختصة تقوم بإخفائها لأسباب يمكن الاعتقاد أن الرأي العام يجهلها.

العربية

Télécharger (PDF, 12.66MB)

الفرنسية

Télécharger (PDF, 4.38MB)

منظمات وطنية تدين التمرد على مؤسسات الدولة

منظمات وطنية تدين التمرد على مؤسسات الدولة

عمدت مساء أمس الاثنين 26 فيفري 2018 بعض العناصر الأمنية الحاملة  للسلاح  إلى التجمهر أمام المحكمة الابتدائية ببن عروس على خلفية تتبعات قضائية موجهة ضد بعض زملائهم من أجل شبهة تعذيب موقوف، والتعدي لفظيا على الأستاذ مهدي زقروبة القائم بالحق الشخصي ضد المتهمين.

كما أصدرت نقابة موظفي الإدارة العامة للأمن العمومي بيانا نشرته أمس الاثنين دعت فيه كافة اطارتها وأعوانها الى مقاطعة تأمين الجلسات بالمحكمة المذكورة مطالبة اياهم بعدم مغادرة أسوار قصر العدالة الى حين الافراج عن الأمنيين المتهمين في دعوة واضحة إلى العصيان والتمرد على مؤسسات الدولة وسط لامبالاة من السلطات.

وعليه فإن المنظمات الوطنية الموقعة أدناه:

– تعلن تضامنها التام مع المحامين ضد كل من يحاول منعهم من أداء واجباتهم تجاه موكليهم والنيل من حقوقهم المكفولة دستوريا.

– تندد بخطورة هذه التصرفات الهمجية التي صدرت عن سلك مُطالب بالانضباط،  على سيرورة العمل القضائي واستقلاليته وعلى مؤسسات الدولة.

– تدعو السلطة التنفيذية إلى تحمل مسؤوليتها تجاه ما آلت اليه الأوضاع الفوضوية بمحكمة بن عروس يوم أمس،  مما انجر من تشويش على عمل القضاة، و  تطالب وزارة الداخلية في هذا السياق بالتدخل العاجل لضبط أعوانها وتنظيم تحركاتهم والاحاطة بهم، واتخاذ إجراءات حازمة ضد دعاة التمرد على الدولة.

– تعتبر هذه التصرفات بعيدة كل البعد عن قيم الجمهورية والعدالة، وتزيد من تغول ما يسمى بالنقابات الأمنية التي باتت تشكل تهديدا واضحا على السلم الاجتماعي في الوطن.

–تشير إلى الفرق بين المؤسسة الأمنية ومختلف الوحدات التي تبذل جهودا جبارة في مكافحة الإرهاب وحماية الحدود والتصدي للمخاطر التي تواجه البلاد، والممارسات التي تنتهجها ما تسمى بالنقابات الأمنية و التي تعمل في كل مناسبة على ابتزاز الدولة وتهديد مؤسساتها كما حصل سابقا مع التهديد بالامتناع عن تأمين مجلس النواب والسياسيين والحفلات الفنية.

– تذكر بضرورة السحب الفوري للمشروع الحكومي المتعلق بزجر الاعتداءات على القوات الحاملة للسلاح والذي يشكل خطورة على مسار الانتقال الديمقراطي في تونس، كما أنه سيمنح صلاحيات مطلقة للأجهزة الأمنية.

– تشدد على ضرورة تطهير السلك الأمني ومحاسبة من ثبت ادانتهم و احترام ما جاء في الفصل 19 من الدستور الذي يؤكد على أن الأمن الوطني هو أمن جمهوري، مكلف بحفظ الأمن والنظام العام وحماية الأفراد والمؤسسات والممتلكات وإنفاذ القانون، في كنف احترام الحريات وفي إطار الحياد التامّ .

عن المنظمات:

  • النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين

  • المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية

  • جمعية يقظة من أجل الديمقراطية و الدولة المدنية

  • اللجنة من أجل احترام حقوق الانسان و الحريات في تونس

  • الجمعية التونسية للمحامين الشبان

  • المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب

  • الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان

تقرير شهر جانفي 2018 حول الاحتجاجات الاجتماعية

صقيع جانفي يعود :

هكذا فشلت الحكومة في ادارة ازمة الاحتجاجات 

في جانفي اخر مشابه، عاد صقيع الحراك الاجتماعي ليهب على القصبة. ومرة اخرى تفشل الحكومة في ادارة هذه الازمة الاجتماعية رغم التحذيرات المسبقة من تزايد حدة الاحتقان الاجتماعي وكذلك رغم الاقتناع الجماعي بان جانفي اصبح موعدا للثورة والاحتجاج في تونس.

عاد إذن صقيع حراك جانفي وعاد معه فشل الحكومة في الاستجابة الى استحقاقات هذا الحراك الذي تنظمت صفوفه وتطورت اشكاله الاحتجاجيّة واصبح له ممثلون محليا وجهويّا وأتقن نشطاؤه فنون التفاوض في طرح المطالب وتقديم الحلول والمقترحات. وحدها الحكومة ما تزال تراوح مكانها في التعاطي مع الحراك الاجتماعي وتقتصر حلولها على تقديم مقترحات غير واقعيّة من جهة ومواجهة الاحتجاجات بالقبضة الامنية وملاحقة نشطاء الحراك الاجتماعي قضائيا من جهة ثانية في اطار ما بات يعرف بالمحاكمات الاجتماعية.

يُفْترض ان الحكومة كانت على وعي كامل بان قانون المالية الجديد وما تضمنه من توظيفات جبائية جديدة ستعمق هشاشة الوضع الاجتماعي وتزيد من حالة الفقر التي بدات تنتشر بشكل واسع في البلاد ومن ابرز ملامحها تراجع الطبقة المتوسطة. ويفترض ايضا انها كانت تتوقع اندلاع احتجاجات تطالب بمراجعة هذه التوظيفات الضريبية الجديدة – فتاريخيا كان جانفي موعدا للاحتجاج ضد الاجراءات الجديدة التي يتضمنها قانون المالية وذلك بالتزامن مع انطلاق العمل به – ويفترض ان تستبق وقوع هذه الاحتجاجات باتخاذ اجراءات اكثر واقعيّة لحماية فقراء البلاد ومهمشيها تجاه الارتفاع المتزايد للاسعار وانهيار القدرة الشرائية. لكن شيئا من ذلك لم يحصل لتندلع احتجاجات رافقها ليلا عمليات تخريب ونهب كانت مرفوضة من قبل الجميع.

وكان المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية قد اصدر بمناسبة الذكرى السابعة للثورة بيانا اكد فيه انه لم يدخر جهدا في توجيه الرسائل “المباشرة والصريحة والمسؤولة للحكومة ولرئاسة الجمهورية في محطات مختلفة للتنبيه من مخاطر اتباع نفس الخيارات التي قادت الى الانتفاضة الشعبية” مقرّا ب”حقيقة المخاطر الناتجة عن الخيارات الاقتصادية والاجتماعية على الشعب ، وخاصة على فئاته المتوسطة والضعيفة، اضافة الى  ارهاصات العودة الى الماضي والتي تجلت عبر المصادقة على قانون المصالحة وترتيب عودة وجوه مشبوهة من النظام السابق لسدة الحكم ومؤسسات الدولة وطنيا وجهويا ومحليا والتراخي في مقاومة الفساد رغم الإعلانات الرسمية  المتلاحقة مقابل سعيه  لإخماد الأصوات المرتفعة المطالبة بالحرية والتنمية بكل الوسائل وفسحه المجال لعودة ثقافة الغنيمة ونفوذ اللوبيات على الحياة السياسية و الأنشطة الاقتصادية”.

واكد المنتدى في بيانه فقدانه “ثقته الفعلية في قدرة وإرادة التحالف الحكومي الحالي على التقدم بالبلاد نحو تحقيق أهداف الثورة وتأكده من إنقطاعه الكامل عن المجتمع وهموم المواطنين بإقدامه أخيرا على المصادقة على قانون مالية لسنة 2018 أدى إلى التهاب الأسعار وأكد سياسة التقشف الحكومية”.

ويبدو ان الحكومة وبهدوء عاصفة جانفي تعتقد انها انتصرت على الاحتقان للاجتماعي وان ما قد يحصل من احتجاجات خلال الأشهر المقبلة لا يمكنه ان يكون في حجم صقيع جانفي. لكن من يتابع تطورات الحراك الاجتماعي سيكون على قناعة بان للأشهر المتبقية من هذا العام صقيع اخر يشبه جانفي او قد يفوقه ما لم تبادر الحكومة والسلطات الجهوية والمحلية بتشخيص الواقع الاقتصادي والاجتماعي في الجهات بشكل واقعي تعتمد فيه آلية الاستماع الى نشطاء الحراك الاجتماعي والتفاوض مع الشركاء في المجتمع المدني لايجاد حلول واقعيّة لمختلف المطالب. فاعتصام “الكامور” في صحراء تطاوين والذي تفاجأ به كثيرون منهم القائمون على الدولة، باعتباره حراك ثقيل حدث خارج شهر جانفي، كان مسبوقا بسلسلة من التحركات الاحتجاجيّة خاضها المعطّلون من ابناء تطاوين منذ سنة 2016 لتثمر لاحقا التفافا جهويا حول مطالب شبابها توّج باعتصام “الكامور” واجبرتْ خلاله الحكومة على التفاوض مع المعتصمين. وحتى لا تجد حكومة الائتلاف الحزبي الحاكم نفسها في ذات الموقف المحرج ما عليها سوى النظر بواقعية لمطالب الحراك الاجتماعي والاستماع الى نشطاء هذا الحراك فالتشاركية وحدها الحل لتجاوز مختلف الازمات الاجتماعية.

الفرنسية

Télécharger (PDF, 3.73MB)

العربية

Télécharger (PDF, 12.17MB)

تقرير شهر ديسمبر 2017 حول الاحتجاجات الاجتماعية

تقرير شهر ديسمبر 2017 حول الاحتجاجات الاجتماعية

أثار تصنيف تونس ضمن العشر دول الأولى في العالم ممن تعتبر فضاء للتهرب الضريبي عديد الاحتجاجات من قبل جهات مختلفة، الطرف الحكومي احتج على هذا التصنيف واعتبر أن في المسألة معطيات مغلوطة وتستحق المراجعة والمتابعة وأن الجهات التونسية المختصة ستعمل على وضع حد لهذا الحيف الذي تتعرض له تونس خاصة في هذه الفترة الاقتصادية الحرجة

عديد فعاليات المجتمع المدني بدورها عبرت عن انشغالها حول هذا التصنيف الذي يزيد في تعميق الأوجاع الاقتصادية، بل إن البعض من هذه الفعاليات حمل صراحة المسؤولية إلى الجهات الدبلوماسية المسؤولة التي لم تقم بما يتوجب عليها القيام به في أوقات سابقة والنتيجة هو هذا التصنيف المهين.

المنظمات الوطنية بدورها احتجت واعتبرت في المسألة مغالطة وحيف كبير، البعض منها تساؤل عن الجهات التي تقف وراء ذلك وتسعى إلى الإساءة إلى تونس وثورتها

جهات برلمانية كانت لها تقريبا نفس المواقف المحتجة

اهتمت وسائل الإعلام بشكل كبير بالموضوع وخصصت له عديد الملفات، وسواء تعلق الأمر بمؤامرة تحبك ضد تونس أو أن الأوضاع في النهاية لا تختلف كثيرا عما قدمه التقرير، فإن هناك العديد من المساعي الدبلوماسية لمراجعة هذا التصنيف بل وحسب بعض وسائل الإعلام فإن الرئيس الفرنسي وعد بالمراجعة والبت في المسألة في نهاية شهر جانفي 2018

من خلال ما تم رصده ميدانيا، لم يكن لهذا التصنيف الصدى الكبير في الفضاء العمومي، في المدن أو في المعتمديات، بل إن هناك خلط في مفهوم تونس جنة ضريبية، فالمسألة ليست لها علاقة بالمستثمرين الأجانب والأداء الضريبي والتشريعات الضريبية والتشجيع على الاستثمار إلى غير ذلك من المسائل والقضايا ذات العلاقة بالموضوع

فما تم تداوله منذ سنوات حول التهرب الضريبي والفساد وشبهات الفساد كان العنصر الأهم لدى الرأي العام، فعديد القراءات في الشارع والتي تم رصدها تربط التصنيف بتعطل أو تصدع مختلف هياكل مراقبة الفساد، موضوع أصبح من المواضيع المتداولة بشكل كبير والتعاليق بالرغم من كونها متضاربة إلا أن هناك إقرار بكون مقاومة الفساد من الأولويات الأساسية وأن عافية الاقتصاد والمجتمع والإدارة هي رهينة النجاح في مقاومة الفساد

التهرب الضريبي والتلاعب والمراوغات في هذا الجانب كان لها دور كبير في جملة التساؤلات التي تم رصدها وعملية الربط أو الخلط سواء كانت مقصودة أو عفوية تدعو المجتمع السياسي إلى مراجعة آليات تناول الملف الضريبي في بعديه الداخلي والخارجي

عودة الاحتجاجات السياسية إلى الشارع التونسي كانت من أهم العناوين التي ميزت المشهد خلال هذا الشهر وذلك على إثر قرار الرئيس الأمريكي نقل السفارة الأمريكية إلى القدس وبالتالي الاعتراف بالقدس كونها عاصمة لإسرائيل

احتجاجات في أعلى مستوى من خلال دعوة السفير التونسي من قبل رئيس الجمهورية، احتجاجات أخرى للخارجية التونسية خلال مؤتمر وزراء الخارجية العرب، احتجاجات لعديد الأحزاب والمنظمات،

الاختلاف يكمن هذه المرة في الاحتجاجات الجماهيرية التي تم رصدها في عديد الجهات، لم تكن الدعوة للتظاهر صادرة في الغالب عن أحزاب سياسية، بل العنصر الفاعل كان المجتمع المدني والمنظمات الوطنية وأساسا الاتحاد العام التونسي للشغل، بل إن العديد من الفعاليات السياسية التي حاولت البروز سعت إلى ذلك من خلال الانخراط في الاحتجاجات التي تم الإعلان عنها.

يحيلنا المشهد إلى مستويين هامين:

ـ الأول في علاقة بعدم قدرة المجتمع السياسي على التعبئة السياسية الجماهيرية، لقد أشرنا إلى ذلك منذ مدة ليست بالقصيرة، والإشكال هنا يكمن في كون الاحتجاجات غير المؤطرة كثيرا ما تتحول إلى احتجاجات عنيفة

ـ الثاني، كون القضية الفلسطينية لا تزال من العوامل الأساسية للاحتجاجات الشعبية واحتجاجات العديد من الفعاليات السياسية والمجتمع المدني

الملف إذن قابل للتطور ويمكن أن يأخذ في أي لحظة عديد المسارات غير المنتظرة، فحسب ما تم تداوله عبر بعض وسائل الإعلام والمواقع الاجتماعية على سبيل الذكر قرار الغلق المؤقت للسفارة الأمريكية في تونس نتيجة الاحتجاجات ودعوة الرعايا الأمريكيين في تونس وتحذيرهم من الذهاب إلى بعض المناطق التي يمكن أن تمثل خطرا على سلامتهم

الفرنسية

Télécharger (PDF, 4.47MB)

    العربية

Télécharger (PDF, 12.19MB)