التلوث الصناعي بولاية توزر: مستنقعات الفسفاط تقتحم الواحات
التلوث الصناعي بولاية توزر: مستنقعات الفسفاط تقتحم الواحات
الصادق السالمي، سهى حشف، تقوى تريلة، خولة الصويعي
تأطير رحاب مبروكي
*هذا المقال من تأليف المشاركين.ات في برنامج الأكاديمية البيئية للمنتدى المنعقد في توزر في الفترة الممتدة من 24 إلى 29 ديسمبر 2023
خلف واحات الجريد الممتدة على مساحة 60 ألف هكتار، وأنت تجوب الصحراء المترامية أطرافها تتراءى لك برك من المياه المتسربة جراء نشاط الصناعات الاستخراجية التابعة لمغاسل شركة فسفاط قفصة والتي أصبحت بمرور الوقت تشكل مستنقعات من المياه الملوثة تنتهك البيئة وتقض مضجع أهالي منطقة حامة الجريد، انتهاك طال الثروة الحيوانية والتنوع الايكولوجي والمائدة المائية أيضا.
وفي هذا الإطار أنجز هذا التقرير ضمن فعاليات الأكاديمية البيئية التي نظمها قسم العدالة البيئية والمناخية بالمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بولاية توزر لتسليط الضوء على الانتهاكات البيئية التي تتعرض لها واحة الجريد بسبب انسياب المياه المتأتية من مغاسل الفسفاط بالمناطق المنجمية دون رقابة.

صورة بتاريخ 28ديسمبر 2023 تبرز تسرب المياه الملوثة بالقرب من واحة توزر
الجريد ضحية جديدة لشركة فسفاط قفصة
الحامة عروس الجريد، في طريقها للتحول من منطقة ترفل في واحاتها إلى مستنقع تلقى فيه فضلات مغاسل شركة فسفاط قفصة، وهو ما أدى إلى الإضرار بالثروة الحيوانية لفلاحي الجهة، حيث شهدت منطقة الحامة في السنوات الأخيرة ظهور أمراض خطيرة كمرض “الهزال” وتساقط الأسنان لمئات من الإبل ونفوق بعضها إلى جانب ما تسببه الأوحال الطينية الناتجة عن مغاسل الفسفاط من غرق للمواشي وصعوبة انتشالها نظرا لصعوبة تدخل الحماية المدنية لنجدتها. ويؤثر الإضرار بالثروة الحيوانية على الوضع الاقتصادي لمربي المواشي حيث تعتبر مورد رزقهم الأساسي.
كما أن هذا التلوث البيئي الخطير يقضي على بعض الطيور والحيوانات الأخرى التي تشكل تنوعا في الثروة الحيوانية وتؤثر بذلك على بعض الأنشطة الأخرى كالصيد والسياحة الواحية في منطقة حامة الجريد.
فضلات الفسفاط تفقد الواحة تنوعها الايكولوجي
المكلف بتسيير بلدية الحامة “بوبكر درويش”، أشار في حديثه معنا إلى أن التلوث لم يطل فقط موارد رزق الفلاحين فحسب، بل تجاوز ذلك ليدمر الغطاء النباتي لوادي المالح والمنطقة المحيطة به. كما أضاف أن زحف المياه المتسربة من نشاط مغاسل الفسفاط من منطقة الحوض المنجمي يشكل تهديدا للغطاء النباتي ولنشاط المراعي في المنطقة حيث انحسرت المياه داخل المساحات المخصصة للنشاط الفلاحي، هذا إلى جانب تهديد التربة عبر تقلص الغطاء النباتي وتصحر المنطقة المحيطة بالوادي، مما تسبب في القضاء على بعض النباتات. وما فاقم الضرر هو تسرب المياه الملوثة إلى المائدة المائية حيث تترسب المياه الملوثة في باطن الأرض فتلوث المياه الجوفية التي تمثل المصدر الأساسي لري الواحات مما يخلق مشاكل على مستوى نوعية التمور التي تنتجها الواحة.
وتمر هذه المياه على وادي الثالجة في المتلوي مرورا على وادي القويفلة وصولا إلى وادي المالح في حامة الجريد، وهو ما يمس من صحة المتساكنين حيث ظهرت في السنوات الأخيرة بعض الأمراض الناتجة عن تلوث المياه مثل تزايد حالات المرض بالسرطان حسب شهادة بعض النشطاء، هذا إلى جانب التعدي على حق السكان في الماء الصالح للشرب الذي يضمنه الدستور في الفصل 48 عبر تلويث المائدة المائية الجوفية للمنطقة. وحسب شهادة بوبكر درويش هناك تحاليل أجريت على عينات من الوادي أثبتت تسبب المياه الملوثة في انتشار الأمراض وقد أضيفت هذه التحاليل إلى ملف القضية التي تم رفعها حسب تصريحه.
![]() |
![]() |
صورة بتاريخ 28ديسمبر 2023 أثناء معاينة فريق الاكاديمية البيئية للتلوث الصناعي |
بقايا جمل نافق في منطقة الحامة |
اللجوء إلى التقاضي
سنة 2021 تم رفض قضية من طرف المجلس البلدي بتوزر ضد شركة فسفاط قفصة يخصوص الانتهاكات البيئية التي تسببها. ولا تزال القضية تراوح مكانها خاصة بعد الموقف الضبابي للشركة وتنصلها من المسؤولية وحل المجلس البلدي الذي عمل قبل حله على السعي لإيجاد حلول مع الطرف المقابل. لكن تراخي شركة فسفاط قفصة على إيقاف الانتهاك زاد من تفاقم المشكل. وبالتالي فقد أصبح من الضروري اليوم التتبع المتواصل للقضية والتعريف بها من أجل وقف هذا التعدي على الحقوق البيئية وضمان استدامة النظام الايكولوجي داخل الواحة.
إن الجهات الرسمية مدعوة إلى التحرك لوقف هذه الانتهاكات عبر إلزام شركة فسفاط قفصة بالنصوص التشريعية التي تمنع الأنشطة التي تهدد البيئة وحياة الإنسان والحيوان، كما انه أصبح محمولا على الأخيرة تحمل مسؤوليتها عبر الحد من الانتهاك البيئي واتباع طرق عمل جديدة تقوم على التصرف السليم في فضلاتها والحد من التسرب العشوائي للمياه الملوثة.
يمكنكم.ن متابعة الفيديو المصاحب للمقال عبر هذا الرّابط:تقرير فعاليات الأكاديمية البيئية للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية
نظم قسم العدالة البيئية بالمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية برنامج الأكاديمية البيئية والتي امتدت من 24 إلى 30 ديسمبر2023 بولايتي توزر وقبلي. وقد حضر في الدورة ما يقارب ال 30 مشتركا ومشتركة جلهم من ولايات الوسط الغربي قفصة، قبلي وتوزر
وتمحورت أهم الانشطة في تقديم محاضرات حول المنظومة الواحية والتغيرات المناخية تلتها دورات تكوينية لفائدة المشاركين شملت اليات المناصرة وكتابة التقارير الصحفية وتقنيات الصورة والمونتاج بالإضافة الى دورة تكوينية في التقاضي البيئي. كما تم تنظيم زيارات ميدانية الى الواحات ومناطق متضررة من أنشطة شركة فسفاط قفصة بالإضافة إلى شط الجريد وضيعة عمر أحمدي لتكثير البذور الأصيلة. تجدون أسفله تقرير الأكاديمية من إعداد أماني بوصلاحي
المنظومة الواحية في قبلي: بين مطرقة التغيرات المناخية وسندان السياسات الفاشلة
المنظومة الواحية في قبلي: بين مطرقة التغيرات المناخية وسندان السياسات الفاشلة1
دنيا شعلالة، كاميليا صولي، الشريف الجديدي وحسن بنخليفة
تأطير رابح بنعثمان
تقع ولاية قبلي في الجنوب الغربي للبلاد التونسية، تحدها من الشمال ولايات قفصه وتوزر وقابس وجنوبا القطر الجزائري، وشرقا، ولايات تطاوين، ومدنين. وتقدر المساحة الجملية لولاية قبلي ب 22.454كلم2 وهو ما يمثل 13 ,5 % من المساحة الجملية للبلاد التونسية تحتوي ولاية قبلي على 07 معتمديات و09 بلديات ويبلغ عدد السكان فيها 163,257 ساكنا.
تزخر ولاية قبلي بموارد مائية جوفية هامة تم توظيفها في احداث المناطق السقوية واستصلاح الواحات التي تمسح 40 ألف هكتار وإنتاج الباكورات باستعمال المياه الساخنة وهو ما ساهم في تطوير القطاع الفلاحي. لكن رغم هذه الميزات تعاني الجهة من عدة إشكاليات باتت تهدد المنظومة الواحية برمتها.
وفي إطار الاكاديمية البيئية التي نظمها المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية من 24 الى 29 ديسمبر 2023 بولاية توزر، يندرج هذا المقال الذي سنتطرق فيه الى واقع الواحة في ولاية قبلي وأهم التحديات التي تواجهها.
- أهم مظاهر التغيرات المناخية وأثرها على الواحة
- ارتفاع كبير في درجات الحرارة
تتعرض الواحات في قبلي الى عديد التهديدات كغيرها من المنظومات الفلاحية في الجنوب ولعل من أبرزها تأثيرات التغيرات المناخية التي باتت تلقي بظلالها على ديمومتها وتتجلى هذه التأثيرات في الارتفاع الكبير لدرجات الحرارة التي تصل الى 50 درجة مسببة جفاف التمور ومؤثرة بذلك على جودتها وبالتالي على تسويقها وهو ما يكبد الفلاح خسائر جمة.
صورة لعرجون تمور متيبس كليا بسبب الحرارة
2.1 ظهور افة عنكبوت الغبار
في السنوات الأخيرة، استشرى مرض عنكبوت الغبار في العديد من المستغلات الفلاحية وأصبح يشكل تهديدا حقيقيا لأشجار النخيل ويعتبر من أخطر الآفات التي تصيب الواحات التونسية حيث تكمن خطورته في قدرته على التكاثر بسرعة كبيرة خاصة في درجات الحرارة العالية وقدرة كل الاطوار على احداث الاضرار من خلال التغذي على عصارة الثمار وينتقل من نخلة الى اخرى عبر الرياح2 .
- استنزاف المائدة المائية
تتعرض الواحات الى استنزاف كبير للمائدة المائية الذي يعود أساسا الى حفر الابار بصفة عشوائية والتي بلغ عددها أكثر من 11ألف حسب ما أكدته لنا السيدة مروى عدواني مهندسة مختصة في القطاع الفلاحي خلال زيارتنا لإحدى الواحات وهو ما يعادل 300% من المائدة المائية في قبلي.
وفي نفس السياق يبرز مشكل تملح المياه الذي وصل سنة 2018 الى 0,8 مغ/ل حسب المندوبية الجهوية للفلاحة اضافة الى مشكل المصبات العشوائية التي بدأت تتوسع على حساب الواحات، وهو ما بات يهدد وجودها وبقاءها. كما تتعرض بعض الواحات على غرار واحة المنشية في سوق الاحد الى عديد المخاطر بسبب المياه الحارة التي أصبحت هاجسا يؤرق عديد الفلاحين بسبب أضرارها الكبيرة على أشجار النخيل وذلك رغم تعدد المشاريع التي أنجزت للغرض الا انها لا تزال تعاني نفس الاشكال سيما في ظل عجز السلط المعنية على ايقاف هذا النزيف.
- سياسات لا ترتقي الى حجم الكارثة
في خضم هذه الإشكاليات لم تعمل السلط المعنية على ايجاد حلول فعالة، فعلى سبيل المثال أدى ضعف الإحاطة بالفلاحين وغياب الارشاد الفلاحي إلى ظهور مستغلات جديدة تصنف في خانة العشوائية مثل مستغلة “فرعون“ التي تقع في منطقة سوق الاحد والتي تمتد على مئات الهكتارات. وتضم هذه المستغلة عددا كبيرا من النخيل والأشجار المثمرة كما تساهم في خلق ديناميكية اقتصادية بتشغيلها لعدد كبير من المعطلين عن العمل خاصة من أصحاب الشهائد العليا. ورغم هذه الأهمية الا ان الفلاحين في هذه المنطقة لم يجدوا أي احاطة خاصة فيما يتعلق بالتسوية القانونية لهذه المستغلات وهو ما يحول دون حصولهم على منح وقروض من شأنها تحسين ظروف عملهم. كما يجب التنويه إلى أن هذه المستغلات تساهم في الاستقرار الاجتماعي ولها دور كبير في الدورة الاقتصادية من خلال انتاجها لنوعية ممتازة من التمور.
الخاتمة
اجمالا يمكن القول ان المنظومة الفلاحية في منطقة قبلي تواجه رغم أهميتها إيكولوجيا واقتصاديا عديد التحديات التي تهدد سلامتها وديمومتها وهو ما يدعونا الى التفكير مليا في الحلول التي يمكن ان تساهم في الحفاظ عليها ولعل من أهمها الحفاظ على الثروة المائية من خلال اعتماد التقنيات المقتصدة للماء كالري قطرة قطرة. أما بالنسبة للمياه الحارة فيمكن انشاء برادات او احواض كبرى مشتركة للحفاظ على النخيل.
اضافة الى ذلك، وجب تكثيف تثمين المياه الحارة في الفلاحة الجيوحرارية وانتاج الباكورات ذات القيمة المضافة العالية. كما يجب مقاومة ظاهرة الابار العشوائية التي تهدد سلامة الثروة المائية وتكثيف حملات التوعية والتحسيس فيما يخص الترشيد في استهلاك الماء خاصة مع المجامع المائية التي تحتاج الى عملية تأهيل ومرافقة ومتابعة.
والاهم من هذا كله إيجاد حل للأراضي الاشتراكية أين تعطل الملكية الجماعية مساعي النهوض بالواحات. وعليه وجب التنسيق مع مجالس التصرف ومراجعة المنظومة القانونية للواحات وافرادها بمجلة خاصة بها مثلها مثل الغابات. كما يجب العمل على انشاء ديوان للتمور وتثمين الدراسات والبحوث حتى لا تبقى مهملة داخل الرفوف وكمثال على ذلك تثمين البحوث التي ينجزها معهد المناطق القاحلة بمدنين وغيره من المعاهد التي تقوم بعمل كبير يستحق التشجيع.
يمكنكم.ن الاطّلاع على الفيديو المصاحب للمقال عبر هذا الرّابط: نقطة مي – الأكاديمية البيئية (youtube.com)
(Français) Monographie d’une entreprise industrielle «SARTEX» à Ksar Hellal : Emergence d’une grande firme
العنصرية والكراهية في المانيا تستهدف مهاجرة تونسية
العنصرية والكراهية في المانيا تستهدف مهاجرة تونسية
تعرضت مهاجرة تونسية مقيمة بالمانيا لعملية طعن وحشية يوم السبت27 جانفي 2024 من طرف مواطن الماني. تأتي هذه الجريمة النكراء في سياق تصاعد العنصرية والكراهية في المانيا وكل اوروبا ضد المهاجرين والتي تغذيها السياسات اليمينية المتطرفة التي تتصاعد في اوروبا وتدعهما حكومات واحزاب ومجموعات عنصرية ومتطرفة.
ان المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية
يعبر عن مواساته لضحية عملية الطعن ويتمنى لها الشفاء العاجل
يدعو الدولة التونسية الى اتخاذ كل الخطوات اللازمة لمتابعة الجاني ودعم الضحية والعمل على حماية كل المهاجرين التونسيين خاصة في اوروبا بصرف النظر عن وضعياتهم الادارية من اجل ضمان حقوقهم وكرامتهم
يندد بهذه الجريمة الوحشية وبتقاعس السلطات الالمانية عن كشف ملابساتها ودوافعها
يعبر عن سخطه من السياسات اليمينية المتطرفة التي تتبناها حكومات اوروبية والتي تستهدف المهاجرين وعائلاتهم تحت حجة “حماية الهوية” والتي تعيد بشكل جديد ممارسات الاستعمار والعنصرية
يجدد وقوفه المبدئي مع كل المهاجرين في كل مكان دفاعا عن حقوقهم وكرامتهم ضد السياسات التمييزية والعنصرية
المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية
الرئيس عبدالرحمان الهذيلي
نداء ترشح لإجراء مسح ميداني
المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية
قسم الهجرة
نداء ترشح لإجراء مسح ميداني
شهدت سنة 2023 تحولًات هامًة فيما يتعلق بقضية الهجرة في تونس، سواء على الصعيدين السياسي (الوطني والإقليمي) أو الاجتماعي. وفي ظل هذه الديناميات عمل المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية (FTDES)على متابعة وضع المهاجرين وتطور السياسات المتعلقة بهم عن كثب. يعتزم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ومن خلال هذا النداء التفكير بشكل أعمق استنادا إلى الأدلة، لفهم وتقييم -اعتمادا على منظور مقارن- تطور وضع المهاجرين منذ سنة 2022 إلى سنة 2024.
ويهدف هذا المشروع إلى فحص تأثير الأحداث الرئيسية في الفترة المذكورة على مهاجري جنوب الصحراء في تونس، من خلال استكشاف المحاور التالية:
- الولوج إلى الحقوق والخدمات الأساسية وخاصة خدمات الصحة.
- عدم الاستقرار الاقتصادي والوصول إلى العمل.
- الممارسات والعمليات الإدارية (حسب وضع المهاجر) والعلاقة مع المؤسسات العامة.
- العلاقة مع المجتمعات المستضيفة والفضاء الحضري الفوري.
- العلاقة مع فاعلي المجتمع المدني المحلي والدولي.
وبناء على ما تقدم، وفي إطار نشاطه في إنتاج المعرفة والدعوة الرامية للتصدي لقضايا الهجرة في تونس يدعو المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية الباحثين والباحثات في مجال العلوم الاجتماعية إلى تقديم طلبات ترشحهم بهدف إنجاز بحث علمي يتم على مرحلتين كما يلي:
- مسح ميداني مع مهاجري/ رات جنوب الصحراء لتكوين قاعدة بيانات شاملة للمشروع.
- سلسلة من المقالات ذات الحجم القصير/ المتوسط (من 2 إلى 3 مقالات) بناء على المعطيات المجمعة وتقديم توصيات توائم أهداف المشروع.
معايير الأهلية وشروط المشاركة
يدعو المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية جميع الباحثين والباحثات في مجال العلوم الاجتماعية إلى تقديم طلبات الترشح، ويشجع:
- الباحثون والباحثات الشبان/ت، بما في ذلك الطلاب والطالبات المسجلين في مرحلة الدكتوراه في الجامعات التونسية.
- مقترحات تعتمد على مقاربات متعددة التخصصات.
- مقاربة تراعى النوع الاجتماعي.
- مقترحات تهدف إلى توجيه توصيات إلى صانعي القرار السياسي والفاعلين الاجتماعيين.
المرحلة الأولى (البحث الميداني) يجب ألا يتجاوز مدة إجمالية تتراوح بين 40 و60 يومًا. هذا ويدرك المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أن القيام بعمل من هذا الحجم يستدعي وجود باحثين ميدانيين ومساعدي/ات بحث. كما أن الباحث/ة الرئيسي/ية هو/هي المسؤول/لة عن تشكيل فريق البحث الخاص به/بها وإدارته. كما أنه/ أنها الوحيد/ة المتفاوض/ة مع المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية. إضافة إلى أنه من الضروري أن يكون له/لها معرفة جيدة بميدان البحث وخصوصية الفيئة المستهدفة ويطلب منه/منها:
- التعاون والتنسيق مع قسم الهجرة في المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية خلال كامل مراحل عملية البحث.
- احترام المواعيد النهائية (وسيتم التواصل مع المزيد من التفاصيل في مرحلة لاحقة).
- ضمان المعرفة واحترام أخلاقيات البحث العلمي.
- وجوب إتقان ممتاز للغة المختارة (العربية أو الفرنسية).
- الحفاظ على سرية البيانات المجمعة ونتائج التحليل.
- ضمان إدارة فريق البحث وإدارة قاعدة البيانات.
كما يجب أيضاً على المرشحين أن يلتزموا بتسليم قاعدة البيانات بأكملها إلى المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، بما في ذلك كافة وسائل الجمع والوثائق الوصفية وتوثيق العملية، هذا وتعود الملكية الفكرية لهذه البيانات إلى المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية وفقًا للشروط التعاقدية.
المرحلة الثانية (التحليل والتحرير) سيتم مناقشتها بالتفصيل مع المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بعد اكتمال المرحلة الأولى.
أما فيما يتعلق بالدعم المالي، فإن المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية يلتزم بتوفير الدعم اللوجستي لفريق البحث في حدود الإمكانيات المتاحة.
كيفية التقديم
يُدعى المتقدمون والمتقدمات إلى إرسال الوثائق التالية إلى غاية يوم 28 فيفري 2024:
- سيرة ذاتية مفصلة (لكل باحث / عضو في فريق البحث).
- مذكرة منهجية مفصلة تظهر معرفة جيدة بالسياق وتتضمن: المؤشرات حسب المحاور (قائمة أولية)، طرق جمع البيانات (الاستبيانات، الورش البؤرية، إلخ)، تقدير حجم العينة وتبرير إمكانات تمثيلها لمجتمع البحث، تحديد مناطق البحث، وخطة إدارة البيانات، الاعتبارات الأخلاقية والامنية، فريق العمل (القائمة والأدوار)، وجدول زمني، إلخ.
- ميزانية تصف/تحدد الاحتياجات من الموارد البشرية والموارد المادية المناسبة.
- مثال على الأعمال المكتوبة: يُطلب من المرشحين، خاصة الباحث/ة الرئيسي/ة، مشاركة مقتطفات من أعمالهم الشخصية، سواء تم نشرها أم لا، من اختيارهم (رابط إلى مقال، مشاركة في تقرير، مقدمة لرسالة بحث، ملخص لمقال، أو كامل النص، إلخ). يُمكن استبدال هذا العنصر في طلب الترشيح بملف (يتضمن قائمة بأعمال البحث).
من الضروري أن تكون الوثائق في صيغة PDF, Word, Excel et/ou Zip، كما أنه من الضروري أن تكون محددة/ ومعنونة بشكل واضح.
- يجب على المتقدمين والمتقدمات تقديم طلباتهم إلى المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية عبر البريد الالكتروني التالي: migration@ftdes.net
- موضوع البريد الإلكتروني: Candidature Recherche Migration
- تاريخ انتهاء فترة قبول الطلبات: 28 فيفري 2024.
- تاريخ البدء: فور تلقي إشعار الاختيار من المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية وتأكيد توفر الباحثين.
حوادث “شاحنات الموت”: اجرام بحق العمالة الفلاحية وصرخة في ضمير السلطة
تونس في 16 جانفي 2024
يتابع المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بكل غضب واستياء وضعية النساء العاملات في القطاع الفلاحي في تونس ويأسف لما تتعرض له هذه الفئة العاملة من انتهاكات ومن عنف، وما تواجهه من خطر يهدد سلامتها الجسدية ويمس من كرامتها البشرية أمام صمت وتجاهل يصل الى حد التواطؤ من قبل السلط الجهوية والوطنية. وعلى إثر الحادث الاليم الذي جد يوم الاحد 14 جانفي بولاية بنزرت على مستوى الطريق الجهوية عدد 51 الرابطة بين بنزرت وسجنان جراء انعراج شاحنة من صنفOM معدّة لنقل البضائع تنقل مجموعة من عملة الفلاحة حدد عددهم بــــــــ63 مما تسبب في خروجها عن مسارها وسقوطها بمنحدر بالحاشية الترابية. خلف الحادث اصابة 39 شخصا بين عاملات وعملة بإصابات متفاوتة الخطورة علما وقد خلف الحادث لــــــــ4 عاملات كسرا على مستوى الحوض مما استوجب الاحتفاظ بهن في المستشفى للعلاج واجراء عملية جراحية.
وحيث لا يعد هذا الحادث الاول من نوعه اذ سجل المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية منذ سنة 2015 الى حد اللحظة عدد 69 حادثا. خلفت هذه الحوادث 835 جريح/ة و55 حالة وفاة، رقم مفزع يتصاعد من سنة الى اخرى رغم صدور قانون ينظم عملية نقل العملة والعاملات ويحدد الامر الترتيبي المتعلق بأساليب تطبيقه الشروط والمواصفات اللازمة لوسائل النقل الخاصة به كما يخضع هذا الصنف من النقل حسب القانون الى تراخيص تمنح بشروط وتحت رقابة هياكل الدولة وممثلي الوزارات المعنية، اذ منذ صدور القانون عدد 51 لسنة 2019 سجلنا في المنتدى 33 حادثا تسبب في وفاة 15 عاملة و322 جريح/ة.
وحيث تعدّ هذه الحوادث اجراما في حق العملة والعاملات في القطاع الفلاحي تتجاوز كل التوصيفات القانونية المنصوص عليها في قوانين مقاومة العنف وقوانين الشغل لتصل الى حد القتل العمد والاتجار بالبشر حين يسمح بنقل 63 عامل وعاملة في خلفية شاحنة معدة لنقل البضائع في ولاية اعلنت سلطتها الجهوية منذ الاشهر الاولى لسنة 2023 عن اسنادها لعشر تراخيص نقل عملة وعاملات بمرجع نظر كل من معتمديات بنزرت الجنوبية وماطر ومنزل بورقيبة واوتيك وجومين وسجنان عملا بأحكام الامر الترتيبي عدد 724 لسنة 2020 وعن حرصها على معالجة هذه الظاهرة في الجهة.
وحيث لا تقتصر معالجة قضية نقل العملة والعاملات في القطاع الفلاحي على مجرد اجراء قانوني متمثل في منح ترخيص أو في توفر وسيلة نقل حسب الشروط ولا في الاعلان عن بعث شركات اهلية مختصة دون القيام بالرقابة على الناقلين ودون انخراط كل الوزارات في عملية الاصلاح والتخطيط والتنفيذ. اذ في ظل واقع اجتماعي واقتصادي للعمالة الفلاحية النسائية يعكس عنفا مركبا بكل تمظهراته من ضعف في الاجر وغياب للتغطية الاجتماعية والصحية وعدم اعتراف وغياب للرقابة على المشغلين واستفحال لظاهرة الوساطة وتغول للوسطاء ينضاف اليه واقع التنمية في الجهات وهشاشة العمل في القطاع الفلاحي وغياب الهيكلة، زيادة على وضعية البنية التحتية وحالة الطرقات والمسالك الفلاحية الغير معبدة والتي تتجاوز الـــــــ50% في بعض الولايات كالقيروان بنسبة 67.5% وسيدي بوزيد 58% حسب تقارير وزارة التجهيز وهو ما يفسر تصدر الولايتين نسب الحوادث (سيدي بوزيد 30% والقيروان 21% من مجموع الحوادث).
وحيث طالبنا في المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في عديد المناسبات بضرورة ايلاء قضية نقل العملة والعاملات في القطاع الفلاحي الاهمية اللازمة، وقلنا مرارا ان نواقيس الخطر ستبقى تدق من قبل فئة منهكة من فرط التجاهل والاستغلال حتى تتضافر كل الجهود لإنقاذها والحد من نزيف الحوادث ووضع استراتيجية اصلاح تعالج القضية في عمقها. فإننا نؤكد وبشدة على:
- بشكل عاجل: تشديد الرقابة على الوسطاء والناقلين وتطبيق القانون بصرامة على المخالفين وفق احكام القانون عدد 51 لسنة 2019 والشروط المنصوص عليها بالأمر الترتيبي عدد 724 لسنة 2020 خاصة في مسألة الرخص والعدد المسموح به في القانون، الى جانب التعريفة المضبوطة بموجب المقرر الوزاري عدد 316 لسنة 2022 المتعلق بضبط تعريفة نقل العملة الفلاحيين للحد من ظاهرة استغلال العاملات وتكليفهن معلوم نقل يصل الى اضعاف المعلوم المحدد بالقانون.
- تحسين المنظومة القانونية المتعلقة بحقوق العمالة في القطاع الفلاحي ومراجعة التشريعات بما يتلاءم مع واقع القطاع وبما يستجيب لمبادئ العدالة والمساواة ويحفظ الكرامة الانسانية وايجاد بدائل آمنة لشاحنات الموت حتى يتسنى للعملة والعاملات التنقل في ظروف لائقة ومؤمنة.
- تحسين البنية التحتية وتعبيد المسالك الفلاحية لتأمين نقل العملة والعاملات بما يتلاءم مع وسائل النقل المعدة للغرض باختلاف اصنافها.
- تكثيف حملات التوعية والتحسيس من قبل المجتمع المدني وهياكل الدولة الموجهة للعاملات كما للفلاحين والوسطاء حول ضرورة التصدي لظاهرة النقل العشوائي ومقاومتها باعتبارها احدى جرائم الاتجار بالأشخاص.
هذا ونطالب اللجان الاستشارية الجهوية لنقل العملة الفلاحيين والمتكونة من ممثلين عن الوزارات المعنية والمصالح الامنية تحت اشراف الولاة بالشفافية في مسألة منح التراخيص وبالصرامة في تطبيق القانون على المخالفين. كما نذكّر اننا في المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية طالبنا في عديد المناسبات بتنظيم مجلس وزاري خاص بملف العمالة الفلاحية يشرّك كل الوزارات ويحمّل كل الاطراف مسؤولياتها في حماية اليد العاملة الفلاحية وضمان حقوقها الشغلية بما يحفظ كرامتها ويرد اعتبارها.
المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية
الرئيس عبد الرحمان الهذيلي
تقييم مؤتمر الأطراف كوب 28:إهمال اجندة التكيف وتعهدات غير كافية بالتخفيف
تقييم مؤتمر الأطراف كوب 28:إهمال اجندة التكيف وتعهدات غير كافية بالتخفيف
حمزة خان. متطوع بالمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والإجتماعية
في ديسمبر الماضي، اجتمع الساسة وقادة الأعمال وخبراء المناخ والناشطون البيئيون في دبي لحضور مؤتمر الأمم المتحدة حول تغير المناخ. تحت إشراف منظومة الأمم المتحدة، مؤتمر الأطراف كوب هي الاجتماعات السنوية للموقعين على اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي. ويعتبر أهم اجتماع عالمي يركز على تغير المناخ. وحضر قمة دبي ما يقدر بنحو 65000 مشارك، مما يجعله أكبر اجتماع لمؤتمر الأطراف على الإطلاق.ـ
أُطلق على البيان الرسمي للقمة اسم إتفاق الإمارات [1] ، وقد تم صياغته والمصادقة عليه من قبل مفاوضين من حوالي 200 دولة. وقد تضمن إتفاق الإمارات العديد من النقاط الجديرة بالملاحظة فيما يتصل بالتخفيف من آثار تغير المناخ، مثل الدعوة الصريحة إلى “التحول عن استخدام الوقود الأحفوري في أنظمة الطاقة”. وتدعو التزامات التخفيف المهمة الأخرى إلى خفض انبعاثات غاز الميثان وتوسيع قدرات الطاقة المتجددة، وتسريع تحسين كفاءة استخدام الطاقة. حقق مؤتمركوب 28 أيضًا إنجازا تاريخيا من خلال إطلاق “صندوق الخسائر والأضرار”، والذي تم تمويله بتعهدات متواضعة بقيمة 661 مليون دولار [2] . وقدتم تعيين البنك الدولي كمضيف مؤقت للصندوق، على الرغم من مخاوف البلدان النامية المَدينة لدى البنك والتي لا تثق في ممارسات الإقراض التي يتبعها. ويتوقف التأثير الفعلي والإيجابي لهذا الصندوق على مدى نجاعة الآليات المتفق عليها بين اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ والبنك الدولي [4] . ولسوء الحظ، فشل مؤتمر الأطراف كوب 28في تقديم التزامات قابلة للتنفيذ بشأن أجندة التكيف مع تغير المناخ حيث إن أهداف التكيف العالمية في النص النهائي غامضة ومنفصلة عن أهداف تمويل التكيف.ـ
التخفيف والتكيف
وفقًا للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ ،(IPCC) وهي الوكالة العالمية الرائدة لعلوم المناخ، يجب أن لا يتجاوز متوسط ارتفاع درجة حرارة السطح في العالم 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الحقبة الصناعية وذلك لتجنب العواقب الكارثية على النظم البيئية العالمية [5] ، وهذا لن يكون ممكنا إلا من خلال التخفيضات الفورية والكبيرة في انبعاثات الغازات الدفيئة.ـ
تؤدي انبعاثات الغازات الدفيئة إلى تغير المناخ عن طريق حبس الحرارة تحت الغلاف الجوي. التخفيف من تغير المناخ هو الحد من تدفق الغازات الدفيئة إلى الغلاف الجوي. إن الطريقة الأكثر نجاعة وفعالية للتخفيف من تغير المناخ هي الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة، وذلك بشكل رئيسي عن طريق استبدال الوقود الأحفوري بمصادر الطاقة البديلة (الطاقة المتجددة). ويمكن تحقيق التخفيف أيضًا عن طريق إزالة الغازات الدفيئة من الغلاف الجوي. ولكن، تعتمد استراتيجية إزالة الانبعاثات على تقنيات جديدة لم يتم إثبات نجاعتها وسلامتها على نطاق واسع وهي التقاط وتخزين ثنائي أكسيد الكربون. [6] وقد أصبح صناع القرار أكثر اهتمامًا بتكنولوجيا التقاط وتخزين ثنائي أكسيد الكربون في السنوات الأخيرة، وحضر ما يقدر بـ 475 من اللوبيات العاملة في مجال التقاط وتخزين ثنائي أكسيد الكربون مؤتمر كوب 28 [7] .ويشعر الناشطون في مجال البيئة بالقلق من أن الترويج لاستراتيجيات تخفيف غير مثبتة لا يؤدي إلا إلى تأجيل تحول الطاقة من خلال السماح بمواصلة استخدام الوقود الأحفوري. ويعكس إتفاق الإمارات سعي الدول النفطية إلى تضمين ثغرات تروج لتقنيات التقاط وتخزين ثنائي أكسيد الكربون بالإضافة إلى “الوقود الانتقالي” مثل الغاز الطبيعي [8].ـ
لكن آثار تغير المناخ أصبحت محسوسة بالفعل في جميع أنحاء العالم. وقدكان العام 2023 هو العام الأكثر سخونة على الإطلاق، مع زيادة ملحوظة في الظواهر المرتبطة بتغير المناخ مثل موجات الحر وحرائق الغابات والفيضانات والعواصف [9]. وتشير تقديرات الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ إلى أن حوالي 3.6 مليار شخص – أي أكثر من ثلث سكان العالم – يعيشون في سياقات معرضة لتغير المناخ [10]. ولذلك، لا يكفي مجرد التخفيف من تغير المناخ بل يجب على السكان في جميع أنحاء العالم أيضًا أن يتكيفوا مع المناخ المتغير. يمكن أن يتخذ التكيف مع تغير المناخ أشكالاً مختلفة تبعاً للسياقات والقدرات المحلية كما أنهناك حاجة خاصة إلى تسريع جهود المرونة لحماية النظم البيئية الهشة مثل الجزر والواحات والغابات والمراعي من الأضرار التي لا يمكن إصلاحها [11]. ويجب على المجتمعات الساحلية أن تستثمر في البنية التحتية لمكافحة ارتفاع مستوى سطح البحر والعواصف المدمرة بشكل متزايد ويجب أن تأخذ سلاسل القيمة الزراعية في الاعتبار زيادة ندرة المياه. وينبغي على أنظمة الرعاية الصحية بناء القدرات اللازمة للاستجابة للظواهر الجوية المتطرفة المتكررة بشكل متزايد، مثل موجات الحر وحرائق الغابات. وتتطلب هذه الجهود إرادة سياسية، واستثمارات مالية، وقبولاً واسع النطاق. ومع اشتداد آثار تغير المناخ، ستصبح احتياجات التكيف أكثر إلحاحاً.
التنسيق الدولي بشأن التكيف مع تغير المناخ
يعاني التكيف مع تغير المناخ من نقص شديد في التمويل. ويقدر تقرير مهم لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة أن البلدان النامية تحتاج إلى مبلغ يتراوح بين 215 مليار دولار و387 مليار دولار سنوياً لتغطية تكاليف التكيف [12]. ومعذلك، بلغ إجمالي تدفقات التمويل الدولية لدعم التكيف في البلدان النامية 21.3 مليار دولار في عام 2021 بانخفاض قدره %15 في التمويل مقارنة بن 25.2 مليار دولار في عام 2020. ويشير التقرير إلى أن تمويل التخفيف زاد خلال الفترة نفسها. فما الذي يجعل من الصعب تأمين تمويل التكيف؟
إن العديد من التحديات التي تواجه النهوض بالتكيف تنبع من الطبيعة المحلية المختلفة للغاية لحلول التكيف. فبينما هدف التخفيف واضح ومباشرنسبياً: خفض الانبعاثات أو إزالتها.، يتطلب التكيف فهمًا ديناميكيًا لكيفية تأثير تغير المناخ على مجموعات سكانية ونظم بيئية واقتصادية محددة. فعلى سبيل المثال، قد يتطلب التكيف في مدينة ساحلية مهددة بارتفاع مستوى سطح البحر حاجزًا بحريًا أعلى، في حين قد يتطلب التكيف في مدينة ساحلية أخرى انتقال الأنشطةإلى الداخل. إن تنوع ظروف التكيف وحلوله يعقد الجهود الرامية إلى الاتفاق على مقاييس دولية مشتركة لقياس التقدم المحرز في التكيف [13] . علاوة على ذلك، غالبًا ما يكون مستثمرو القطاع الخاص غير مهتمين بتمويل مشاريع التكيف بسبب النقص الملحوظ في الربحية [14] . وفقًا لتقديرات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، تم تخصيص حوالي 5 بالمائة فقط من رأس المال الخاص الذي تم حشده للعمل المناخي بين عامي 2016 و2020 لمشاريع التكيف [15].
من جانب آخرغالباً ما يعيش السكان المعرضون لتغير المناخ في البلدان النامية المثقلة بالديون. ومن بين البلدان الثلاثين الأكثر عرضة لتغير المناخ، لا يوجد أي منها ضمن أكبر 30 دولة متلقية لتمويل المناخ [16]. ولهذه الأسباب تميل المناقشات الدولية بشأن التكيف إلى التركيز على التمويل، وخاصة دور البلدان المتقدمة في تمويل التكيف في العالم النامي.ـ
التفاوض على التكيف
تبرزالمفاوضات في مؤتمرات الأطراف بعض النقاط حول صعوبات تمويل التكيف. كجزء من اتفاق باريس الذي تم اعتماده في مؤتمر كوب 21 في عام 2015، وافقت البلدان على تنسيق جهود التكيف من خلال تحديد “هدف عالمي للتكيف”. لم يتم فعل الكثير لتحديد أو تنفيذ الهدف العالمي للتكيف بشكل جوهري في السنوات التالية [17]، على الرغم من أن العديد من البلدان أصدرت استراتيجيات تخطيط التكيف الوطنية [18]. قبل انعقاد مؤتمر كوب ،28 اتفقت الدول على وضع اللمسات النهائية على إطار عمل الهدف العالمي للتكيف. وعلى الرغم من اعتراف المندوبين بأن تحديد أهداف التكيف سيكون أمرًا صعبًا، إلا أن المفاوضين كانوا يأملون في تعزيز الهدف العالمي للتكيف باعتباره “النجم القطبي” لتوجيه الجهود على المستوى القطري [19]. لكن المناقشة حول الهدف العالمي للتكيف في مؤتمر كوب28 كشفت عن خطوط صدع بين البلدان المتقدمة والنامية، فضلا عن التحديات التي تواجه التعاون الدولي.ـ
وكان الخلاف الرئيسي بين البلدان المتقدمة والبلدان النامية يتركز حول إدراج أهداف التمويل. أرادت الدول المتقدمة التركيز على أهداف سياسة التكيف، لكن الدول النامية أصرت أن أهداف التكيف يجب أن تقترن بأهداف التمويل للدول النامية ونجحت الدول المتقدمة في الأخير بقيادة الولايات المتحدة في الإشارة إلى أهداف التمويل والدعوة إلى تقديم [20] مساهمات من الدول المتقدمة في النص النهائي
ونشأ خلاف أكثر حدة حول مبدأ اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ المتمثل في “المسؤوليات المشتركة ولكن المتباينة والقدرات الفردية”والذي يسند المسؤولية التاريخية إلى البلدان المتقدمة فيما يتعلق بالعمل المناخي بسبب مساهماتها الأكبر في تغير المناخ [21]. وقد تم التنصيص الرسمي على “مبدأ المسؤوليات المشتركة ولكن المتباينة والقدرات الفردية” كجزء من اتفاقيات التخفيف في عام 1992. وكانت البلدان النامية راغبة في تكريس مبدأ مماثل للمساواة كجزء من اتفاقيات التكيف، في حين قاومته البلدان المتقدمة. وكانت معظم البلدان النامية على استعداد للتفاوض، لكن مجموعة من البلدان النامية الأكثر تقدمًا رفضت المشاركة وأصرت على إدراج مبدأ المسؤوليات المشتركة ولكن المتباينة والقدرات الفردية . [22]وتألفت هذه المجموعة من كتلة عربية بقيادة المملكة العربية السعودية ودول من كتلة الدول النامية المتشابهة في سياساتها التنموية والتي تضم العديد من دول أوبك، بقيادة الصين. وبحسب ما ورد، ركزت المجموعة اهتمامها على المسؤوليات المشتركة لكن المتفاوتة كوسيلة لجعل محادثات التكيف رهينة مقابل الحصول على تنازلات في مفاوضات مؤتمركوب القادمة بشأن التخفيف .[23] ونتيجة لذلك، وصلت مفاوضات التكيف إلى طريق مسدود بعد تسعة أيام مما هدد التقدم في اتفاق المناخ العالمي [24] ويوضح هذا الجمود مدى قدرة أقلية من البلدان على إحباط التقدم في مفاوضاتالأمم المتحدة.ـ
تفتقر الصيغة النهائية إلى الالتزام بسد فجوة تمويل التكيف ولا تشير إلى المسؤولية المتباينة للدول المتقدمة والنامية في تحقيق الهدف العالمي للتكيف. [25]
خاتمة
يعطي مؤتمر الأطراف الثامن والعشرون أملاً محدوداً لمنظومة الأمم المتحدة ومن الواضح أن البلدان تعترف بالتهديد الوجودي الذي يشكله تغير المناخ. ومع ذلك، فإن إتفاق الإمارات لا يرقى إلى مستوى الإجراءات اللازمة لمنع وقوع كارثة مناخية. وتشير تقديرات وكالة الطاقة الدولية إلى أنه إذا تم الوفاء بجميع تعهدات التخفيف الخاصة بمؤتمر كوب 28بحلول عام 2030، فإن خفض الانبعاثات سيكون ب 30 بالمائة فقط من التخفيض المطلوب للوصول إلى المسار الصحيح للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية [26] .إن إهمال أجندة التكيف سيؤدي إلى زيادة المعاناة مع استمرار تفاقم آثار تغير المناخ. ويجب على المجتمع الدولي أن يقدم التزامات ذات مصداقية للانتقال بعيدا عن الوقود الأحفوري ورفع أجندة التكيف بشكل جاد.ـ
[1] https://unfccc.int/sites/default/files/resource/cma2023_L17_adv.pdf
[4] https://odi.org/en/insights/will-the-world-bank-make-good-on-the-loss-and-damage-fund/
[5] https://www.ipcc.ch/report/ar6/syr/downloads/report/IPCC_AR6_SYR_SPM.pdf
[6] https://eenews.net/articles/un-slams-carbon-removal-as-unproven-and-risky/
[8]https://www.reuters.com/business/environment/what-are-loopholes-cop28-climate-deal-2023-12-14/
[9] https://www.nytimes.com/2024/01/09/climate/2023-warmest-year-record.html
[10] https://www.ipcc.ch/report/ar6/wg2/chapter/summary-for-policymakers/
[12] https://www.unep.org/resources/adaptation-gap-report-2023
[14]https://www.weforum.org/publications/accelerating-business-action-on-climate-change-adaptation/
[16] https://www.ifrc.org/document/make-it-count-smart-climate-financing-most-vulnerable-people
[17] https://www.wri.org/insights/global-goal-on-adaptation-explained
[20] https://www.carbonbrief.org/cop28-key-outcomes-agreed-at-the-un-climate-talks-in-dubai/
[23] https://www.carbonbrief.org/cop28-key-outcomes-agreed-at-the-un-climate-talks-in-dubai/
[25] https://unfccc.int/sites/default/files/resource/cma2023_L17_adv.pdf
[26] https://www.iea.org/news/iea-assessment-of-the-evolving-pledges-at-cop28